كان يعرض عليّ جميع عملي لو لا الحديدة التي أصبت بها ؛ يعني القتل (١).
ويذكر ابن الأثير في موضع آخر (٢) ، أن تاج الملك كان عدوّا لنظام الملك ومتهما في قتله ، كما صرّح في صفحة ٢١٠ أن تاج الملك هو الذي سعى بقتل نظام الملك ليستولي على الوزارة.
وقد يكون بحسب هذه الرواية قد أوعز تاج الملك إلى الغلام الدّيلمي كي يقتل نظام الملك ، وقد يكون أيضا الغلام الديلمي قتل نظام الملك حقدا عليه لتشيّعه ، ولا معارضة بين الاحتمالين ، كما أنّه لا معارضة بين ما ذكره مقاتل بن عطية (من أنّ ملكشاه مات اغتيالا ويؤكد هذا ما ذكر في العبر من أنّ ملكشاه سمّ في خلال) وبين ما ذكره ابن الأثير (من أنّه مات محموما) ، إذ قد يكون الصيد الذي أكله ملكشاه مسموما بواسطة الأعداء ، أو يكون قد دسّ له السمّ في غير لحم الصيد ، أو أنه مات بسبب السم ولكنّهم ظنوا موته بسبب لحم الصيد نتيجة الحمى ، ويكون سبب الحمى هو السم وهو الأقرب عندي ، ولا تعارض بين الروايتين ، وعلى فرض التعارض بين رواية ابن الأثير ورواية مقاتل بن عطية ، لا بدّ من ترجيح رواية الثاني على الأول ، لأن شهادة ابن عطيّة قريبة من الحسّ بخلاف شهادة ابن الأثير المنقولة بخبر واحد والتي تتوفر فيها دواعي الكذب حرصا على عقيدة أبناء السنّة في تلك الفترة.
ولو قيل : لا يمكننا الاعتماد على شهادة ابن عطية لكونها خبرا واحدا أيضا ، إذ كيف يمكننا أن نصدّق ما ذكره ابن عطيّة؟
قلنا : ما قيل في ابن عطية يقال أيضا في ابن الأثير ، إذ من أين نثبت حينئذ ما ادّعاه ابن الأثير.
__________________
(١) الكامل في التاريخ ج ١٠ / ٢٠٤.
(٢) الكامل في التاريخ ج ١٠ / ٢١٥.