الكتاب وأنهم لا يخالفونه قولا وعملا ، والأول دليل الفضل على غيرهم ، والأفضل أحق بالإمامة ، والثاني دليل العصمة التي هي شرط الإمامة ، ولا معصوم غيرهم.
(الثاني): إنه جعلهم عديلا للقرآن فيجب التمسّك بهم مثله ، واتباعهم في كل أمر ونهي ، ولا يجب اتباع شخص على الإطلاق إلّا النبيّ أو الإمام المعصوم بل يحرم اتّباع غير المعصوم في كل حركاته وأفعاله لكون بعضها قطعا مخالفا للشريعة المقدّسة ، وما ادّعاه أصحاب نظرية ولاية الفقيه ـ من وجوب اتّباع الولي الفقيه ـ غير تام وذلك لأن وجوب إطاعته في كل أفعاله يعني أنه صار قدوة في كل شيء ـ حتى في الأوامر الشخصية ـ كالإمام عليهالسلام الذي يدور الحقّ معه حيثما دار ، وما استدلوا به على المدّعى بقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ..) لا يصحّ لأنه لو سلّمنا بكون الفقيه من أولياء الأمر فإن غاية ما تدل عليه الآية حينئذ هو وجوب اتّباعه في الأحكام الشرعية والقضائية وفي كل ما يوافق إرادة الله الواقعية ، ولا دلالة فيها على وجوب اتّباعه في أوامره الشخصية لعدم خلوها ـ أي أوامره الشخصية ـ من شوب الباطل ، والأمر بالباطل يعتبر باطلا وقبيحا حاشا لله تعالى أن يأمر به وبوجوب الاعتقاد به ، مضافا إلى أن الاعتقاد بوجوب اتّباعه بالأوامر الشخصية كإطاعة الرسول والإمام عليهماالسلام يستلزم الاعتقاد بصوابية رأي الفقيه في كل ما يصدر منه حتى ولو كان ضلالا وفسادا مما يلغي دور الأئمة الأطهار لا سيّما مولانا الإمام الحجّة المنتظر روحي فداه.
وعليه فلا دلالة في الآية على وجوب الأخذ برأي الفقيه في مطلق الأمر الشخصي وإلّا لكان ذلك أمرا بوجوب اتّباع الخطأ وهو قبيح عقلا ومخالف للأدلة من الكتاب والسّنّة المطهّرة ، كما أنّ مفهوم أولي الأمر ـ لو سلّمنا بشموليته لغير الأئمة الأطهار عليهمالسلام ـ ليس منحصرا بالولي الفقيه حسبما يدّعون بل يشمل كلّ مستنبط للأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية بشرط كونه مؤمنا معتقدا بإمامة الأئمة الاثنى عشر عليهمالسلام وتنطبق عليه بقية الشروط المقررة.