هذا كلّه إذا سلّمنا أيضا بأنّ الآية المباركة تشير إلى وجوب الأخذ من الفقهاء في الأحكام الشرعية إلّا أن ذلك غير تام أيضا لأن مفاد وجوب الأخذ بالأحكام الصادرة من أولي الأمر هو كون تلك الأحكام أو الأوامر تعبّر عن الإرادة الواقعية لله تعالى وليست أحكاما ظنيّة ظاهرية كما هو أغلب استنباطات الفقهاء وديدنهم في استخراج الأحكام من ظواهر الأدلة الظنّية.
فالقدر المتيقن من الآية الشريفة هو وجوب الأخذ من أئمة آل البيت عليهمالسلام حيث إنّ طاعتهم مقرونة بطاعة الله ورسوله ، ومن قرنت طاعته بطاعة الله المطلقة لا شك أنه معصوم لا يقول إلّا الحقّ ولا يفعل إلّا الصواب والحكمة.
(الثالث): إنه عبّر عن الكتاب والعترة بخليفتين كما في حديث الثعلبي الذي ذكره المصنّف (ره) وحديث أحمد في مسنده عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله : «إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله وأهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض».
ومن الواضح أن خلافة كل شيء بحسبه ، فخلافة القرآن بتحمّله أحكام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومواعظه وإنذاره وسائر تعاليمه ، وخلافة الشخص بإمامته وقيامه بما يحتاج إليه الأمة ونشر الدعوة وجهاد المعاندين.
(الرابع): قد ذكر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في مفتتح حديثه قرب موته أنه «يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب» أو قوله : «كأني قد دعيت فأجبت» ونحو ذلك ، ثم قوله : «إني تارك فيكم الثقلين» وكل هذا يشير إلى أن ذا السلطان والولاية الذي له نظام يلزم العمل به بعده ، إذا ذكر موته وقال إني تارك فيكم فلانا وكتابا حافظا لنظامي لم يفهم منه إلّا إرادة العهد إلى ذلك الشخص بالإمرة بعده خصوصا وقد قال رسول الله : «من كنت مولاه فعليّ مولاه» أو «من كنت وليه فعليّ وليه» كما في حديثي الحاكم وغيره ، ولا ريب أن وصية النبيّ بالثقلين كانت في غدير خم أو على أقل تقدير أنه أحد مواردها لقوله في حديث مسلم : خطبنا رسول الله بماء يدعى خمّا ، ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض الأحاديث : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، فإنه صادر