يصح ان ينفرد كل واحد منهما عن صاحبه ، الا ترى انه لو عقد بغير مهر صح النكاح بلا خلاف ، فإذا ثبت بعد ذلك ، المهر صح أيضا فإذا كانا عقدين ففساد أحدهما لا يوجب فساد الأخر إلا بدليل ، هذا آخر استدلاله ومسألته (١).
وأيضا فلا خلاف بين أصحابنا المخالف في هذه المسألة ، والمؤالف ، ان اليهود والنصارى والمجوس متى انقادوا إلى الجزية ، وقبلوها ، وقاموا بشرائطها ، والتزموا أحكامنا عليهم ، وما يقترحه إمامنا ، عقد لهم عقد الذمة ، وشرائط الذمة ، الامتناع من مجاهرة المسلمين بأكل لحم الخنزير ، وشرب الخمر ، وأكل الربا ، ونكاح المحرمات في شريعة الإسلام ، فمتى فعلوا شيئا من ذلك ، فقد خرجوا من الذمة ، فكيف يجوز لنا ان نقرّهم على نكاح المحرمات في شرعنا ، ونحكم لهم بذلك ، وبصحته إذا تحاكموا إلينا ، وأخذ علينا ان لا نقرهم على ذلك ، هذا في اليهود والنصارى ، الذين هم الأصل في هذه الاحكام ، والمجوس فرع عليهم ، لأنا أمرنا الشارع ان نسنّ فيهم سنّة أهل الكتاب اليهود والنصارى ، فإذا كان الأصل لا نقرهم على نكاح المحرمات فكيف بك بالفرع (٢) ، وهذا الاستدلال مجمع عليه ، لا خلاف فيه ، ان من جملة شرائطه الذّمة ، ان لا تنكحوا المحرمات في شرعنا.
وقد قال شيخنا أبو جعفر الطوسي في مبسوطة ، في الجزء الرابع في كتاب المكاتب ، في فصل في كتابة الذمي ، يجوز كتابة النصراني ، بما يجوز به كتابة المسلم ، لعموم الآية والخبر ، وانما يصح كتابته على الوجه الذي يصح عليه كتابة المسلم ، ويرد (٣) ، على الوجه الذي يردّ عليه المسلم ، فإذا كاتب عبدا ثم ترافعا الى حاكم المسلمين ، حكم بينهم بحكم الإسلام ، فإن كانت الكتابة تجوز بين المسلمين ، أمضاها ، وان كانت لا تجوز ، ردها ، لان الحاكم انما يجوز له ان يحكم بما يسوغ في دينه ، هذا أخر كلامه من أوّل الفصل الى هاهنا حرفا فحرفا (٤).
الا ترى الى قوله رحمهالله في هذا الموضع لان الحاكم انما يجوز له ان يحكم
__________________
(١) الخلاف ، كتاب الصداق مسألة ١.
(٢) ج. المحرمات يكن بالفرع اولى.
(٣) وفي المصدر ـ ترد ـ في الموضعين.
(٤) المبسوط ج ٦ فصل في كتابه الذمي ، ص ١٢٨.