ثم قوله رحمهالله ـ بان هذه الأنساب والأسباب وان كانا غير جائزين في شريعة الإسلام ، فهما جائزان عندهم ، وما روي ان رجلا سبّ مجوسيّا بحضرة أبي عبد الله عليهالسلام فزبره ، ونهاه ـ واي (١) فرج له في ذلك ، وايّ نسبة بين هذا وبين جواز ان يحكم بالباطل ، وبغير الحق وغيّر شرعنا (٢) إذا تحاكموا إلينا ، وهل هذا الّا دفع بالرّاح ، ومعارضة في غير موضعها ، وبناء على شفا جرف انهار (٣).
فاما قوله رحمهالله ـ لو كان ذلك غير جائز ، لوجب ان لا يجوز أيضا إذا عقد على غير المحرمات ، وجعل المهر خمرا أو خنزيرا ، أو غير ذلك من المحرمات ، لان ذلك غير جائز في الشرع ، وقد أجمع أصحابنا على جواز ذلك ـ فممّا يضحك الثكلى ، لكن ما أحسن قول الرّسول عليهالسلام ـ حبك الشيء يعمى ويصم (٤) ـ يا سبحان الله ، كان ذكر المهر الحلال ، ملكه شرط في صحة عقد النكاح ، فنحن بإجماع المسلمين نصحح عقد النكاح الدائم من غير ذكر مهر فيه ، فما ذكر المهر الفاسد بأعظم من ترك ذكره جملة ، ومع هذا فالعقد صحيح.
ثم ما اعجل ما نسي استدلاله في الجزء الثاني من مسائل خلافه ، في أوّل كتاب الصداق ، قال مسألة : إذا عقد على مهر فاسد مثل الخمر والخنزير والميتة وما أشبهه ، فسد المهر ولم يفسد النكاح ، ووجب لها مهر المثل ، وبه قال جميع الفقهاء الّا مالكا ، فان عنه روايتين ، إحديهما مثل ما قلناه ، والأخرى يفسد النكاح ، وبه قال قوم من أصحابنا ، دليلنا ان ذكر المهر ليس من شرط صحة العقد ، فإذا ذكر ما هو فاسد ، لم يكن أكثر من ان لم يذكره أصلا ، فلا يؤثر ذلك في فساد العقد ، وأيضا قوله عليهالسلام لا نكاح إلّا بوليّ مرشد ، وشاهدي عدل (٥) فنفاه لعدم الولي والشاهدين ، وأثبته بهم ، وهنا نكاح له (٦) قد عقد بهم ، فوجب ان يكون ثابتا وأيضا فإنهما عقدان
__________________
(١) ج. فأيّ.
(٢) ج يغيّر الحق ويغيّر شرعنا. ل. بغير الحق وبغير شرعنا.
(٣) ج. ل. جرف هار.
(٤) سنن أبي داود ، باب في الهوى من كتاب الأدب ، الرقم ٥١٣٠ ، ج ٤ ، ص ٣٣٤.
(٥) الوسائل ، الباب ١١ من أبواب المتعة ح ١١ ، إلّا في المصدر هكذا إلّا بولي وشاهدين.
(٦) ج. ل. وهذا نكاح قد.