وذلك عندنا مطرح بالإجماع ـ فقد أقرّ بأن قال ـ وما ذكره أصحابنا يعني الإماميّة ـ وما يقوله الإمامية الذين هم أصحابه ، ففيه الحق ، فكيف لا يكون عليه دليل ، بل قولهم له هو الدليل القاطع ، والبرهان الساطع.
ثم قال ـ ليس به اثر عن الصادقين ـ فإذا اجمعوا على القول ، فلا حاجة لهم إلى رواية تروي عن بعض الصادقين ، إذ لا دليل فيها ، بل إجماعهم عليها هو الدّليل على صحّتها ، بل في قولهم وإجماعهم على الحكم ، قول بعض الصادقين ، وهو رئيس الكل في عصره ، وامام زمانه ، مقطوع على صدقه.
واما قوله رحمهالله ـ ولا دليل عليه من ظاهر القرآن ـ بل ظاهر القرآن عليه ، ومعهم ـ فيه ، وهو قوله تعالى « فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ » (١) ، « وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ » (٢) ، الى غير ذلك من الآيات المحكمات ، وايّ ظاهر قرآن معه رحمهالله فيما ذهب اليه ، أو أيّ رواية عن الصادقين معه ، وفي هذا الموضع يحسن ان يقال اقلب تصب.
ثم قوله رحمهالله وشناعته ـ بل انما قالوه بضرب من الاعتبار ـ ان أراد بالاعتبار هاهنا القياس ، فهو كما قال انه باطل عندنا ، وايّ قياس هاهنا حتى يشنّعه؟ وان أراد بالاعتبار استخراج الأدلة والنظر فيها وما يقتضيه أصول المذهب ، فهذا لا نأباه نحن ولا هو رحمهالله ، وأكثر استدلالاته في مسائله على خصومه وغيرهم ، قوله ـ والذي يقتضيه أصول مذهبنا ـ وما يزال قائلا بأن الأصل الإباحة ، والحظر يحتاج الى دليل ، هذا لا يزال يستدل به في مسائل خلافه ، وفي أوّل خطبة مسائل خلافه لمّا قرر الأدلّة وبنى كتابه عليها ، قال أو إجماع أو دليل أصل ، ثم ما رأيت أعجب منه رحمهالله يذهب الى هذا في خطبة مسائل خلافه ، وفي جميع استدلالاته في مسائلها ، إذا احتاج الى ذلك ، ويذهب في عدته التي هي أصول فقهه ـ في ان الأشياء في دليل العقل على الحظر أو الإباحة أو ـ الى الوقف في ذلك ، ويستدل في مسائل خلافه بأن الأصل الإباحة في الأشياء ، وأصول الفقه ما تراد الا حتّى (٣) يركب عليها مسائل الفقه.
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية ٤٨.
(٢) سورة الكهف ، الآية ٢٩.
(٣) ج. حتى يركب.