فاما سن المثغر ـ يقال في اللغة ، ثغر الغلام فهو مثغور إذا سقطت اللبن منه ، واثغر ، واثغر ، إذا نبتت بعد سقوطها ، ويقال : ثغرت الرّجل ، إذا كسرت سنة ـ فإذا ثبت هذا فإذا قلع سن إنسان لم يخل من أحد أمرين : إمّا أن يكون سن صغير لم يسقط بعد ، أو سن كبير ، فان كان سن صغير لم يسقط بعد ، وهي سن اللبن ، فقد قلنا ما عندنا فيه ، وهو مذهب شيخنا المفيد (١) وشيخنا أبي جعفر في نهايته (٢).
وذهب في مبسوطة الى ان قال : فالذي رواه أصحابنا أن في كل سن بعيرا ولم يفصّلوا (٣).
والذي قاله في نهايته هو مذهب أصحابنا اجمع ، وما قاله في مبسوطة لم يذهب أحد من أصحابنا اليه ، ولا أفتى به ، ولا وضعه في كتابه على ما أعلمه.
وقال شيخنا في مسائل خلافه : مسألة : إذا قلع سن مثغر كان له قلع سنة ، فإذا قلعه ثم عاد سن الجاني كان عليه أن يقلعه ثانيا ابدا (٤).
قال محمّد بن إدريس مصنف هذا الكتاب : وهذا قول الشافعي ، اختاره شيخنا.
ثم استدل شيخنا بما يضحك الثكلى ، فقال : « دليلنا إجماع الفرقة واخبارهم » يا سبحان الله من اجمع معه على ذلك؟! وأي أخبار لهم فيه؟! وانما أجمعنا في الاذن لأمور : أحدها أنها ميتة ، فلا يجوز الصّلاة له ، لأنه حامل نجاسة فيجب زوالها ، والثاني إجماعنا على ذلك وتواتر أخبارنا ، فمن عدّاه الى غيرها فقد قاس ، والقياس عندنا باطل ، وأيضا فالسن هبة مجددة من الله تعالى ، خلقه ، لا هي تلك المقلوعة نفسها ، فكيف تقلع ابدا ، وهذا منه « رحمهالله » إغفال في التصنيف ، فإنه قد رجع عن ذلك في مبسوطة (٥).
__________________
(١) في المقنعة ، باب دية الأعضاء والجوارح ص ٧٥٧.
(٢) النهاية ، كتاب الديات ، باب ديات الأعضاء والجوارح ..
(٣) المبسوط ، ج ٧ ، كتاب الديات ، ص ١٣٨.
(٤) الخلاف ، كتاب الجنايات ، مسألة ٧٧.
(٥) المبسوط ، ج ٧ ، كتاب الجراح ، ص ٩٩ الّا ان كلامه فيه موافق لخلافه والعبارة هكذا ، فله قلعها ابدا حتى يعدم إنباتها وهو الذي يقتضيه مذهبنا.