فالاخبار مختلفة في ذلك ، فبعضها يوجب عليه القطع مطلقا ، وبعضها يوجب عليه التعزير ، ولا يوجب عليه القطع ، فحملنا ما يوجب القطع منها.
إذا سرق الكفن وأخرجه من القبر ، وكان قيمته ربع دينار قطع لقولهم عليهمالسلام ، سارق موتاكم كسارق احيائكم على ما قدمناه ، أو على من يتكرر منه ذلك وكان معتادا لفعل ذلك ، وان لم تبلغ قيمة الكفن ربع دينار ، وان لم يأخذ كفنا أيضا ، على ما ذهب اليه شيخنا أبو جعفر في كتابه الاستبصار (١).
وحملنا منها ما يوجب التعزير والعقوبة ، إذا نبش أوّل مرّة ولم يكن له عادة بذلك ، ولم يكن قيمة الكفن تبلغ ربع دينار ، أو كونه لم (٢) يأخذ الكفن ، وقد عمل بجميعها ، وكان لكل منها وجه يقتضيه الأدلة.
وقال شيخنا أبو جعفر في استبصاره ، لما اختلفت عليه الاخبار ، فإنه أورد جملة منها بوجوب القطع ، ثم أورد جملة أخرى بالتعزير فحسب ، فقال فهذه الأخبار الأخيرة كلها تدل على انه انما يقطع النباش إذا كان ذلك له عادة ، فاما إذا لم يكن ذلك عادته نظر ، فان كان نبش وأخذ الكفن ، وجب قطعه ، وان لم يأخذ ، لم يكن عليه أكثر من التعزير ، قال وعلى هذا تحمل الأخبار التي قدمناها ، هذا جملة ما أورده رحمهالله في استبصاره متوسطا بين الاخبار (٣).
قال محمّد بن إدريس بقي عليه رحمهالله انه أسقط جميع الأخبار التي رويت في ان سارق موتاكم كسارق احيائكم ، لأنه رحمهالله لم يراع النصاب في شيء منها في وساطته بينها ، فقد سقطت جملة ، وهذا بخلاف عادته ، وخرم لقاعدته في وساطته بينها.
وقال في نهايته من نبش قبرا وسلب الميت كفنه ، وجب عليه القطع كما يجب على السارق سواء ، فان نبش ولم يأخذ شيئا أدب تغليظ العقوبة ، ولم يكن عليه قطع
__________________
(١) الاستبصار ، الباب ١٤٥ من كتاب الحدود ، ص ٢٤٥ ، ج ٤.
(٢) ج. ل. أو انّه لم.
(٣) الاستبصار ، ج ٤ ، الباب ١٤٥ من كتاب الحدود ، ص ٢٤٧.