على حال ، فان تكرر منه الفعل وفات الامام تأديبه ، كان له قتله كي يرتدع غيره عن إيقاع مثله في مستقبل الأوقات ، هذا آخر كلامه في نهايته (١).
وما اخترناه من مراعاة المقدار الذي يجب فيه القطع في أوّل مرّة مذهب شيخنا المفيد في مقنعته ، فإنه قال ويقطع النباش إذا سرق من الأكفان ما قيمته ربع دينار ، كما يقطع غيره من السراق إذا سرقوا من الإحراز ، وإذا عرف الإنسان بنبش القبور ، وكان قد فات السلطان ثلاث مرات ، كان الحاكم فيه بالخيار إن شاء قتله.
وان شاء قطعه وعاقبه والأمر في ذلك اليه ، يعمل فيه بحسب ما يراه أزجر للعصاة وأردع للجناة ، هذا آخر كلامه رحمهالله (٢).
ونعم ما قال فإنه الذي يقتضيه أصول المذهب ، وتحكم بصحته أعيان الآثار عن الأئمة الأطهار عليهالسلام ، وأيضا الأصل براءة الذمة ، فمن قطعه في غير المتفق عليه يحتاج الى دليل.
وشيخنا أبو جعفر يفوح من فيه استدلاله في مسائل خلافه ، الى اعتبار النصاب ، لانه قال مسألة ، النباش يقطع إذا أخرج الكفن من القبر الى وجه الأرض ، ثم استدل فقال دليلنا قوله ( وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ ) ، وهذا سارق ، فان قالوا لا نسلّم انه سارق ، قلنا السارق هو من أخذ الشيء مستخفيا متفزعا (٣) ، قال الله تعالى « ( إِلّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ ) (٤) » وقالت عائشة ـ سارق موتانا كسارق احيائنا ـ (٥) وقال عليهالسلام ـ القطع في ربع دينار ـ ولم يفصّل الى هاهنا كلامه رحمهالله (٦).
الا ترى الى استدلاله بالاية والخبر عنه عليهالسلام من قوله القطع في ربع دينار فأستدل بهذا الخبر ، وفيه مقدار النصاب ، واستدل بالاية ، ولا خلاف انه لا يقطع السارق إلّا إذا سرق من حرز ربع دينار ، على ما بيّناه وحرّرناه.
والذي أعتمد عليه بعد (٧) هذا كله وافتى به ، ويقوى في نفسي ، قطع النباش
__________________
(١) النهاية ، كتاب الحدود ، باب حد المحارب.
(٢) المقنعة ، باب الخلسة ونبش القبور ص ٨٠٤.
(٣) ل. متفرغا.
(٤) سورة الحجر : الآية ١٨.
(٥) لم نعثر عليه.
(٦) الخلاف ، كتاب السرقة ، مسألة ٢٨.
(٧) ج. ل. فغير.