والذي يقتضيه المذهب ، انهما ان كانا حيين غير مولى عليهما ، فالحق لهما وهما المطالبان به ، ولا يجوز لأحد العفو عنه دونهما ، ولهما العفو عنه ، لان حد القذف حدّ من حقوق الآدميين يستحقه صاحبه المقذوف به دون غيره ، فليلحظ ذلك.
فان قال لغيره يا زان فأقيم عليه الحدّ ، ثم قال له ثانيا يا زان ، كان عليه حدّ ثان ، فان قال ان الذي قلته لك كان صحيحا ، لم يكن عليه حد ، وكان عليه التعزير ، لانه ما صرح بالقذف في قوله ان الذي قلته لك كان صحيحا.
فان قال له يا زان دفعة بعد اخرى مرات كثيرة ، ولم يقم عليه فيما بينها (١) الحد بشيء من ذلك ، لم يكن عليه أكثر من حدّ واحد.
ومن أقيم عليه الحد في القذف ثلاث مرّات قتل عند أصحابنا في الرابعة ، أو في الثالثة على ما روى عنهم عليهمالسلام ، ان أصحاب الكبائر يقتلون في الثوالث (٢) ، وهو الصحيح وهو اختيار شيخنا أبي جعفر في استبصاره (٣).
فإن قذف جماعة رجال أو نساء أو رجالا ونساء نظرت ، فان قذف واحدا بعد واحد كل واحد منهم بكلمة مفردة ، فعليه لكل واحد منهم حد القذف ، سواء جاءوا به متفرقين أو مجتمعين فان قذفهم بكلمة واحدة فقال زنيتم أو أنتم زناة ، فالذي رواه أصحابنا واجمعوا عليه ، انه ان جاءوا به متفرقين ، كان لكل واحد منهم حد كامل وان جاءوا به مجتمعين ، كان عليه حد واحد لجماعتهم فحسب ، ومخالفونا اختلفوا في ذلك اختلافا كثيرا.
ومن قال لغيره من الكفار أو المماليك يا ابن الزاني ، أو يا ابن الزانية ، وكان أبواه مسلمين أو حرين ، كان عليه الحد كاملا لان الحد لمن لو واجهه بالقذف لكان له (٤) الحدّ تاما ، ولان الحر أو المسلم المقذوف ، والحد يستحقه المقذوف دون غيره.
وروى (٥) ان من قال لمسلم أمك زانية ، أو يا ابن الزانية ، وكانت امه كافرة أو
__________________
(١) ج. ل. بينهما.
(٢) الوسائل ، الباب ٥ من أبواب مقدّمات الحدود ، والباب ١١ من أبواب حد المسكر.
(٣) الاستبصار ، ج ٤ ، الباب ١٢٣ من كتاب الحدود ، ص ٢١٢.
(٤) ج. لكان الحد له.
(٥) الوسائل ، الباب ١٧ من أبواب حد القذف ، ح ٦.