يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ » (١) فإذا اتى بالاستغفار وترك الإصرار ، صحت توبته وغفر الله ذنبه.
فأما ان كانت المعصية مما يجب بها حق ، لم يخل من أحد أمرين ، اما ان يكون حقا على البدن أو في مال ، فان كانت في مال كالغصب والسرقة والإتلاف ، فتوبته الندم على ما كان ، والعزم على ان لا يعود ، والخروج من المظلمة بحسب الإمكان ، فإن كان موسرا بها متمكنا من دفعها الى مستحقها ، خرج اليه منها ، فان كانت قائمة ردّها ، وان كانت تالفة رد مثلها ان كان لها مثل ، وقيمتها ان لم يكن لها مثل ، وان كان قادرا غير انه لا يتمكن من المستحق لجهله ، أو كان عارفا غير انه لا يقدر على الخروج اليه منها ، فالتوبة بحسب القدرة وهي العزم على انه متى تمكن من ذلك فعل ، وكذلك إذا منع الزكاة مع القدرة عليها ، فهي كالدين والمظالم ، وقد بيّناه.
هذا إذا كانت المعصية حقا في مال ، فاما ان كانت المعصية حقا على البدن ، لم يخل من أحد أمرين ، اما ان تكون لله أو للآدميين ، فان كان للآدميين فهو القصاص وحد القذف ، فالتوبة الندم على ما كان ، والعزم على ان لا يعود ، والتمكين من الاستيفاء من حد أو قصاص ، كالأموال سواء.
واما ان كان حقا لله كحد الزنا والسرقة وشرب الخمر ، لم يخل من أحد أمرين امّا ان يكون مشتهرا أو مكتوما ، فان كان مكتوما لا يعلم به الناس ، ولم يشتهر ذلك عليه ، فالتوبة الندم على ما كان ، والعزم على ان لا يعود ، والمستحب له ان يستر على نفسه ، ويكون على الكتمان ، لقوله عليهالسلام من اتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر (٢) يستر الله فانّ من أبدى لنا صفحته ، أقمنا عليه حد الله (٣) ، وقال صلىاللهعليهوآله لهزال بن شرجيل ، حين أشار على ماعز بن مالك ان يعترف بالزنا ، هلا
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية ١٣٥ ـ ١٣٦.
(٢) ج. فليستر يستر الله عليه.
(٣) موطإ مالك ، الباب ٢ من كتاب الحدود ، الحديث ١ ( ج ٢ ، ص ٨٢٥ ) وفيه : « من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنّه من يبدى لنا صفحته نقم عليه كتاب الله ».