سترته بثوبك يا هزال (١) ، فان خالف وجاء واعترف بذلك ، لم يحرم ذلك عليه ، لما روى ان الغامدية (٢) وماعز بن مالك اعترفا عند النبيّ عليهالسلام بالزنا ، فلم ينكر ذلك ، بل رجم كل واحد منهما (٣).
وامّا ان كان مشتهرا شائعا بين الناس ، فالتوبة الندم على ما كان ، والعزم على ان لا يعود ، وان يأتي الإمام فيعترف به عنده ليقيم عليه الحدود.
والفصل بينهما انه إذا لم يكن مشتهرا كان في ستره فائدة ، وهو ان لا يشتهر به ، ولا يضاف اليه ، وليس كذلك هاهنا ، لأنه إذا كان مشتهرا ظاهرا ، فلا فائدة في ترك إقامته عليه.
وعندي انه لا يجوز له ان يشتهر به ، ولا يعترف ، وان يتوب فيما بينه وبين الله ، ويقلع عمّا كان ويتوفر على الاعمال الصّالحات ، لعموم الخبر الذي تقدم.
هذا كلّه في حدود الله قبل ان يتقادم عهدها أو يقادم عهدها وقيل لا يسقط بتقادم العهد ، فاما من قال يسقط بتقادم العهد ، فلا يعترف بذلك بحال ، لأنه لأحد عليه ، فمتى اعترف كان اعترافا بغير حق هذا الكلام في التوبة الباطنة.
فاما الكلام في التوبة الحكمية ، وهي التي تقضى له بها بالعدالة ، وقبول الشهادة ، فلا تخلو المعصية من أحد أمرين ، اما ان تكون فعلا أو قولا ، فان كانت فعلا كالزنا والسرقة واللواط والغصب وشرب الخمر ، فالتوبة هاهنا ان يأتي بالضدّ مما كان عليه ، وهو صلاح عمله لقوله تعالى « إِلّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ » (٤) فإذا ثبت انها صلاح عمله ، فمدته التي تقبل بها شهادته سنة ، ومن الناس من قال يصلح عمله ستة أشهر.
فاما ان كانت المعصية قولا لم يخل من أحد أمرين ، اما ان تكون ردة أو قذفا ، فان كان ردّة فالتوبة الإسلام ، وهو ان يأتي بالشهادتين اشهد ان لا إله إلّا الله ، وان
__________________
(١) سنن أبي داود ، الباب ٦ من كتاب الحدود ، الحديث ( الرقم ٤٣٧٧. ج ٤. ص ١٣٤ ) وفيه : وقال لهزّال : « لو سترته بثوبك كان خيرا لك ».
(٢) ل. العامرية.
(٣) راجع الباب ٢٤ و ٢٥ من كتاب حدود سنن أبي داود. ( ج ٤ ، ص ١٤٥ .. ١٥٢ ).
(٤) سورة الفرقان ، الآية ٧٠.