أشكل عليها في بيان أنّ الإرادة القيّومية ليست عين الذّات ولا هي من صفات الذّات.
ونحن بفضل الله العظيم سبحانه وجميل تأييده قد كشفنا الغطاء عن محيّا الحق وأرينا سبيل القول الفصل هناك في كتابنا «تقويم الايمان» وفي حواشينا المعلّقات على كتاب «الكافي» لتفسير محكمات الأحاديث وتأويل متشابهاتها وشرح مبهماتها ومستبهماتها وحلّ مشكلاتها ومستشكلاتها والحمد لله رب العالمين حق حمده.
الإعضال الرابع عشر
(القدرة الاختياريّة والمعنيان لها)
قد استقرت آراء أئمّة حكمة ما فوق الطبيعة على أنّ معنيى القدرة الاختياريّة ، وهما كون الفاعل في حدّ ذاته بحيث إذا شاء فعل وإذا لم يشأ لم يفعل ، وكونه في ذاته بحسب نفس ذاته بحيث يصحّ منه الإيجاد واللاإيجاد عنه أو الصدور واللاصدور مفهومان متلازمان.
وتمجمج المحدثين من المتكلفين لما لا يعنيهم : «أنّ أفاخم الفلاسفة لا يثبتون للقدير الحق إلّا المعنى الأول. وأمّا المعنى الثاني فيختصّ بإثباته المليّون خاصة» ، مجمجة لا تئول إلى مدرجة. وعلى أنّ القيّوم الواجب الوجود بالذّات واجب بالذّات من جميع جهاته وأنّه تعالى شأنه لا جهة فيه إمكانيّة أصلا ، بل إنّه جلّ سلطانه بنفس ذاته وبكلّ جهة من جهات ذاته وبكلّ حيثيّة من حيثيات صفاته واجب بالفعل وجوبا بالذّات ، فهو وجوب حقّ لا إمكان فيه بوجه من الوجوه ، وفعليّة محضة لا قوّة فيها بجهة من الجهات أصلا.
وهذان قولان متدافعان وسبيلان متمانعان. فلا مندوجة : إمّا من ارتكاب أنّ قدرته سبحانه قدرة غير وجوبية ، بل جهة إمكانيّة ، وإمّا من الذهاب إلى أنّ القدرة الاختياريّة لا يعتبر في حدّ حقيقتها الصدور واللاصدور والإيجاد واللاإيجاد.
ونحن قد فككنا عقدة هذا التشكيك والتعضيل في كتاب «تقويم الايمان» وفي حواشينا المعلقات على إلهيات «الشفاء» بفضل الله العظيم سبحانه والحمد لله ربّ العالمين كما ينبغى لكرم وجهه ويليق بجناب مجده.