بسم الله الرّحمن الرّحيم
والاستيفاق من العليم الحكيم
سبحانك اللهمّ ربّ الخلق والأمر ، لك الملك ولك الحمد ومنك البدء وإليك العود. وأنت بكلّ شيء عليم ، فاطر الملك والملكوت ، عالم الغيب والشهادة. يسبّح لك ما في السماوات وما في الأرض ، وأنت العزيز الحكيم.
خصّص أكرم مصطفيك من النّفوس القادسات وأعلم الهداة إليك بالباقيات الصالحات ، سيّدنا ونبيّنا محمدا وعترته الأنجبين وحامّته الأقربين ، بأتمّ صلواتك وأعظم بركاتك ، إنّك أنت ذو الفضل العظيم والطول القديم.
وبعد ، فإنّ أحوج المربوبين إلى الربّ الغنىّ محمد بن محمد ، يلقّب باقر الدّاماد الحسينىّ ، ختم الله له بالحسنى يقول : إنّ هذه صحيفة ملكوتيّة سطيعة هي عين العلم في أرض القدس ، منها يجرى نهر من الحكمة الإلهيّة على شطّ القوّة النظريّة. عملناها للأخلاء الرّوعيّة والأقرباء العقليّة ، مصفاة للبيان في مرقاة التبيان ومرآة للعيان في ميقات البرهان ، ريم بها حقّ اليقين فى مسائل الحدوث والسّرمديّة وإنضاج [٢ ب] القول في طبخ الفلسفة النيّة وتقويم الحكمة السويّة ، مقصورا طورها على مقشوّ القول الناصع ومروّق الفحص اليانع ، إذ قد ضمن النظر السابغ والبحث البالغ كتابانا «الأفق المبين» و «الصراط المستقيم». فالبسط والتفصيل والرمّ والتحصيل على ذمّتهما وفي منّتهما. صانهما الله عن فتن الفطر العاميّة وظلمات المدارك السوداويّة ، وصرف عنها كيد الأفهام المئوفة وشرّ الأذهان العسوفة وأوهام أتباع الظنون وأمانيّ أصحاب الميون ، وأقرّ بها عين الأمّة الوسط من حزب الحقّ وجند العقل ورجال الحكمة ، وكفاها جور الجدليّين من الفئة اللّانسلميّة واللّدديّين من الفرقة اللم لا يكونيّة ، إنه يسمع ويجيب.
فسنريكها إن شاء الله ، وقد استنامت إليها العقول الموزونة وإن تجافت عنها النّفوس الملحونة ، واستعذبتها القرائح اللطيفة وإن اشمأزت عنها الأذواق السخيفة ، واستعظمتها البصائر العقلانيّة وإن استهزأت بها السلائق الوهمانيّة. فالعقل سموح رعوج والوهم جموح لجوج. والمروم ذكره يوعى في تقدمة وسياقات وتختمة ، وبالله الاعتصام ومنه العصمة.