له ليست تصادم توسيط وتسبيب الأسباب ، كما جاعليّته لهذا [١١٣ ب] الإنسان ، مثلا ، مع تسبّب والديه وسائر الأسباب والشرائط له ، وكذلك لذرّات الوجود. ثمّ الوجوب بالاختيار الواجب حصوله بعلله وأسبابه ـ ومنها الاستعدادات المتسابقة المتأدّية إليه ـ ليس ينافي الاختيار.
والحقّ القراح والكلمة السّواء في ذلك قول مولانا الصادق ، عليهالسلام : «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين». وفي السّنّة السّانّيّة النّبويّة وأحاديث الأوصياء المقدّسين ، صلوات الله وتسليماته على ذواتهم الطاهرة ونفوسهم القادسة ، في المعارف الرّبوبيّة إشارات برهانيّة ونصوص شعشعانيّة يتضيّق عن استعراضها طور هذه الصحيفة.
تقديس
(٨٣ ـ أكمل الإدراك للبارى تعالى ، ثمّ إدراك الأنوار العقليّة ثمّ العلوم النفسانيّة)
فبما أنبهناك وبما أدريناك ، تلخّص لك : أنّ الإدراك يقع على ضروب الإدراكات بالتشكيك. فله اعتبار من حيث هو إدراك ، واعتبار من حيث هو حالّ ما للمدرك ، واعتبار من حيث هو حالّ ما للمدرك ، وله بكلّ واحد من الاعتبارات مراتب مختلفة : أمّا اختلافه بحسب ماهيّته ، فبكونه تارة إحساسا ، وتارة تخيّلا ، وتارة توهّما ، وتارة تعقّلا. وأمّا بحسب القياس إلى المدرك ، فبكون العاقل شديد التّقدّس عن عوالم المادّة وغواشيها ، أو هاويا متوسّط الهويّ إلى الانغماس فيها ، أو متوغّل الاغتماس فيها وفي علائقها ، وبكونه فاعلا لمدركه أو منفعلا عنه.
فالإدراك الفعلىّ المقتضى لكون المدرك فاعلا ـ إذ ليس معناه إلّا صدور ذات الشّيء عن فاعله ، المفيض إيّاها ، منكشفة عنده ـ أتمّ حقيقة ووجودا [١١٤ ظ] من الإدراك الانفعالىّ المقتضى لكونه منفعلا ، إذ ليس معناه إلّا حصول صورة الشّيء في نفس مدركه أو في آلته الّتي هو أداة إدراكه ، وأيضا لأنّه مفيد وجود ، وهو مستفاد من وجود.
وأمّا بحسب القياس إلى المدرك ، فبتجرّده عن المادّة أو ارتباطه بها أو مغموسيّته فيها ، وبانكشافه بظهور معلولاته أو بحضور ذاته أو بحضور علله وأسبابه إذا كان ذا أسباب وعلل. فالمدرك المجرّد عن المادّة أتمّ في كونه مدركا من المغموس فيها ، والمدرك بعلّته وبحضور جملة علله أتمّ ظهورا من المدرك بمعلوله أو بشهود وجوده