المعلول من غير شهود علله.
وقاطبة الأشياء ، مرسلة أو شخصيّة ، وكلّيّة أو جزئية ، لها إلى بارئها ، سبحانه ، نسبة المعلوميّة على أن هي معلومته ، سواء في ذلك أدخل شيء منها في التّقرّر بالفعل أم لم يدخل ، ونسبة المجعوليّة على أن هي مفاضته [و] مجعولته غبّ عدمها الباتّ الصريح ، فيضانها عنه لا ينسلخ عن انكشاف ذات ما فاض عنه بالفعل. بل إنّ معلوماته ، جلّ ذكره ، تبقى عند الصّدور عنه بالفعل على انكشافها الّذي قد كان من قبل من غير أنّ يغيّر ذلك أمرا منه في الحالين وفي الأحوال كلّها.
فإذن ، أكمل الإدراكات وأتمّها في ذواتها : إدراك البارئ الحقّ ، سبحانه ، لذاته بذاته على ما عليه ذاته ، ولجميع ما سواه أيضا بذاته من حيث هو عاجلها التّامّ بنفس ذاته. وهو أيضا أفضل أنحاء كون الشّيء مدركا ، لأنّه فعلىّ ذاتيّ ؛ وأفضل أنحاء كون الشّيء مدركا ، لأنّه تامّ حاصل من الوجه الّذي يجب أنّ يحصل [١١٤ ب].
ثمّ يتلوه إدراك الأنوار العقليّة. أمّا إدراكها لكنه ذات بارئها فغير متصوّر الحصول أصلا. وأمّا إدراكها لوجوده ، إدراكا تامّا فائضا ، غير ممكن من ذواتها المجعولة ، إلّا أنّ المبدع الحقّ ، لمّا كان معقولا لذاته ، وهى عاقلة لذواتها ، فبإشراقه ، سبحانه ، عليها عقلت نور وجوده ومجد قدسه وعزّ جلاله ، ثمّ عقلت ما دون الأوّل الحقّ ، سبحانه ، من تعقّل ذات الأوّل وقيّوميّته ، تعقّلا تامّا غير نفسانىّ ، دون تعقّل الأوّل ، سبحانه ، إيّاها بمراتب غير محصورة ومرّات غير متناهيّة.
ثمّ بعد ذلك ، العلوم النفسانيّة ، وهى إدراكات النّفوس المستفادة من طرق الحواسّ والتخيّلات وغيرها ، وتلك بأسرها نقوش ورواشم عن طابع عقلىّ ، إذ مخرج النّفوس من القوة إلى الفعل عقل متصوّر بصور المعقولات ، فبحسب استعداداتها واتصالاته تنطبع منه فيها على الانعكاس أو على الانعكاس أو على الرّشح صور معقولة ، وهى إدراكات : مترتّبة الفعليّة ، متبدّدة المبادى ، إذ عضة منها تصاد بالحدس ، وعضة تقتنص من تلقاء العلّة ، وعضة من تلقاء المعلول ، وعضة من طرق غيرها. ومتبدّدة المناسب ، إذ الانتقال إلى العلم بالشيء ، تارة يكون من العلم بما يضاهيه ويلائمه ، وتارة من العلم بما يوازيه ويقابله ، وتارة على وجوه غيرها.