المضيّات والاستقبالات بينها مقيسة عضون منها إلى عضين ـ قد استشعرت تصحيح استناد المتغيّر الغير القارّ إلى الثّابت القارّ وتنظيم الحدوث الزّمانىّ بالحركة الدّوريّة وتوسيط الحركة المتصلة الدّوريّة بين القديم الحقّ والحوادث الزّمانيّة.
فالحركة ذات جهتين : ثبات واتّصال في الدّهر وتصرّم وتجدّد في أفق التقضّى والتجدّد. فهى بثباتها الاتّصالىّ الدّهريّ وبهويّتها المتّصلة الوحدانيّة مستندة إلى الجاعل السّرمديّ الحقّ المخرج إيّاها من كتم العدم الصّريح إلى متن الواقع مرّة واحدة ، وبتصرّماتها وتجدّداتها التي هي من تلقاء جوهرها ـ إذ هي بطباع جوهرها مقدارها الزّمان ، وهو بنفس حقيقته متقضّ متجدد بالقياس إلى آن موهوم فيه ـ معدّة لوجود الحوادث الزّمانيّة على حسب استعدادات متواردة على المادّة القابلة ، ونائطة ايّاها بأزمنة محدودة وآنات مخصوصة، وكلّ شطر علّة معدّة أيضا لوجود شطر آخر.
فإذن ، لا حدوث في أفق التّغيّر ، أعني الزّمان ، لو لا الحركة. وأمّا الزّمان فإنّما قسطه من المدخليّة في نظام الحدوث الظرفيّة بالقياس إلى الحوادث دون الإعداد والسّببيّة. وكذلك ليس لشطر منه الإعداد بالقياس إلى شطر آخر ، بل إنّما طباعىّ هويّات أجزائه التّعاقب في الحصول والتّصادم في الاجتماع بالقياس إلى العوالم الزّمانيّة وحدودها ، كما الأمكنة بطباع هويّاتها مصطدمة في الاجتماع بالقياس إلى حدود العوالم المكانية. فلذلك التّقدّم والتّأخّر هناك بالزّمان ، كما هنالك بالمكان ؛ لا بالطّبع ، كما حسبه صاحب «حكمة الاشراق» و «المطارحات» ، وتبعه على ذلك ثلّة من مقلّديه.
ترشيح
(١١ ـ الحركة القطعيّة والتوسّطيّة معدّة للحوادث الزمانيّة)
إنّ نظم الحدوث الزّمانىّ على ذلك الأسلوب ليس ممّا لم ينتظم إلّا في تسواء الحكمة النّضيجة ، بل إنّ رؤساء الفلسفة النّيّة وأئمّة المتهوّسين بتسرمد الإبداعيّات قد وردوا على هذا المنهل ونسجوا على هذا المنوال إذ نهضوا للفصل ، فقالوا : الحركة الدّوريّة ذات جهتين ، الاستمرار والتّجدّد ، فإنّها ثابتة متجدّدة ، ثابتة التجدّد ، متجدّدة الثّبوت. فبحسب الجهتين صلحت للتوسّط بين جانبى القدم والحدوث. فمن جهة الاستمرار صدرت عن القديم واستغنت عن علّة حادثة ، ومن جهة