الرّشح الأوّل
في أنّ صانع التّجوهر والوجود قد توحّد بالقدم الصّريح واستأثر بالأزليّة السرمديّة
(١ ـ الإفاضة من عالم الملكوت لإملاء هذه الرّسالة)
ممّا أفيض علي من عالم التحميد والتسبيح ، وهو عالم الملكوت ، أنّي بالليلة الثّالثة عشر من شهر رسول الله ، صلىاللهعليهوآلهوسلم ، شعبان المعظّم ، لعام ١٠١٤ من الهجرة المقدّسة ، وقد كنت علمت «الصّحيفة الملكوتيّة» ، وهو كتاب «الإيماضات والتّشريقات» ، من قبل بعامين ، أريت بالمنام محتشدا قدسيّا ، يستهشّ الرّوع بمشاعره ، محتفلا روحانيّا يهتزّ له السّرّ بشراشره ، وكأنّ هناك حشدا عقلانيّين ورهطا قدّيسين ربّانيّين. وكأنّي أنا رأسهم وكبيرهم القويّ عليهم ، وأنّ لمّة منهم يسألونني عن إثبات الوعاء الذي هو الدّهر وحدوث عالم الجواز فيه. وأنا أملى عليهم هكذا :
برهان إثبات الدّهر هو بعينه برهان حدوث العالم بأسره ، وسياقته أنّ المفارق المحض ، كالعقل ، يمتنع أن يكون بالقياس إلى قاطبة الأزمنة والآنات ، وكذلك الأمكنة والحدود ، بحيث تختلف نسبته إليها بحسب الوجود في الأعيان بالمعيّة واللّامعيّة. أليس لو صحّ ذلك لكان يكون يوجد لا محالة بالفعل مع بعض ، وليس هو موجودا بالفعل مع البعض الآخر. ثمّ إذ هو موجود مع البعض الآخر أخيرا ، فيكون قد حصل له الوجود الذي هو مقارن لوجود زمان ما وآن ما ، أو وجود مكان ما وحدّ ما ، بالمعيّة ، في الأعيان ولم يحصل له ، بعد ، الوجود الذي هو مقارن بالفعل بالمعيّة الوجود زمان آخر وآن آخر أو مكان آخر وحدّ آخر ، فيعرضه أن يكون بالفعل من جهة وبالقوّة من جهات أخرى ، ومن المستبين : أنّه إنّما احتمال ذلك شأن ما في سجن عالم الهيولى ؛ والمفارق القراح النّاصع ، لا تكون له جهة منتظرة وفعليّة