البرهان ، محمّد ، صلىاللهعليهوآله وعترته الأنجبين وأوصيائه الأطيبين ، الذين تناقلتهم كرائم الأصلاب إلى مطهّرات الأرحام ، صلاة تبدّ شرائف صلوات المصلّين وتغبطها عزائم تحيّات الأوّلين والآخرين ، ما اصطدم الضّياء والظّلام وارتدفت اللّيالى والأيّام.
وبعد ، فإن أحوج المربوبين إلى الرّب الغنيّ ، محمّد بن محمّد ، يقلّب باقر الدّاماد الحسينىّ ، ختم الله له بالحسنى ، يقول : معشر الملكوتيّين بقرائحكم النّقيّة وزمرة المتألّهين بعقولكم القدسيّة ، إنّى ، بفضل ربّي العظيم وسيبه ، وطول جاعلي العليم وأيده ، أملي عليكم صحيفة القدس في «خلسة الملكوت» ، على قصوى المراتب وقصيا الغايات ، لعلّ الله سبحانه يجعلها أوثق الأوكار للأسرار وآنق قدّة للعقل إلى عالم الأنوار ، يستحبّها الحكماء القدسيّون ويهبّ لها العرفاء الرّبيّون ، يتلونها على كلّ متبصّر ناصع الجيب ، متّقد القريحة ، مشتعل البصيرة ، متّمض الغريزة ملتمع السّريرة. فيهدون بها قوما يبتغون لبّ العلم البهيج ويتوخّون مخّ الحكمة النّضيجة. قد هزّت الأشواق أذهانهم ونشطت الأذواق ألبابهم. لا يزاغ بعقولهم عن شطر الحقّ ولا يتاه بأوهامهم في خلوات الباطل. فأمّا اللّانسلّميّون واللّم لا يكونيّون من أمّة الوهم وحزب الطّبيعة فذهّابون في التّيه ، روّاغون عن القصد. وإنّا نحن لبمعزل عن مخاطبتهم ولفي منتدح عن مجاوبتهم. وربّنا العزيز الوهّاب ، تعاظم سلطانه ، وفيّ المواهب في السّابقات العاليات ، وولىّ الرّغائب في الباقيات الصّالحات. وهو حسبى وإليه المصير.
ربّ ، منك الرّهبوت وإليك الرّغبوت. ربّ إنّما أشكو بثّي وحزني إليك ، وأبثّ لوعتي وضراعتي بين يديك ، ولم يك يقنعني أن ترفع إلى سمت ملكوتك يداى الدّاثرتان ، وأن تمدّ إلى صقع جبروتك عيناى الحاسرتان ، بل اعتملت شراشر روعي القدسيّ يدا ، فرفعتها وبسطتها ، يا ربّ ، شطر باب سبّوحيّتك ، واتّخذت أكنان سرّي الملكوتيّ بصرا ، فأشخصتها وأطمحتها ، ربّ ، تلقاء جناب قدّوسيّتك. ربّ ، إنّي أجعل صمتي لسانا وولهي بيانا ، وأستوسع رحمتك وأؤمّل فضلك وأسألك ، فآنسني بكلامك النّاطق وميزانك الفارق وترجمة وحيك ولسان أمرك ونهيك ، صراطك القويم ووصيّ رسولك الكريم. وأقول : اللهمّ اغفر لي رمزات الألحاظ وسقطات الألفاظ وسهوات الجنان وهفوات اللّسان ، وأنت خير الغافرين.