وجوده ممتنع الحصول في طرف زمان أو حدّ من حدوده (١٦٨ ظ) ، بل واجب أن يحصل مقارنا لجميع ذلك الزّمان ، وأمّا بعد عروض القسمة ، فيكون حصول أجزائه في أجزاء ذلك الزّمان شيئا بعد شيء. فهذا الحاصل ، أعني ما يكون له حصول واحد تدريجيّ ، لا يكون له آن ابتداء الحصول ، بل ظرف حصوله إنّما هو الزّمان ، لا طرفه.
وإمّا أن يكون زمانيّا ، بأن يكون حصول الوجود أو العدم في نفس الزّمان لا في طرفه ، ولا فيه على سبيل الانطباق عليه ، إذ لا يكون للشىء الحاصل هويّة اتّصاليّة تنطبق على الزّمان ، بل إنّما يختصّ حصوله بذلك الزّمان ، على معنى أن لا يمكن أن يوجد أو يفرض في ذلك الزّمان أن إلّا ويكون ذلك الشّيء (٢٦٨ ب) حاصلا فيه ، وتقرير القول كأنّه على أسلوب تحصيليّ قد اضمحلّ به ما استشكله مثير فتنة التّشكيك ، من الشّكوك في «الملخّص» وفي شرحه للإشارات.
شك وهميّ وفحص حكمي
كأنّك متوهّم أنّ وجود الشيء أو عدمه بتمامه : إمّا أن يحصل يسيرا يسيرا ، فيكون في زمان على وجه الانطباق عليه والانقسام إلى الأجزاء حسب انقسامه أو دفعة واحدة ، فيكون في آن قطعا ، وهو أن أوّل الحصول ؛ أن وكذلك تقول : إمّا يحصل بتمامه دفعة واحدة ، فيكون في آن هو آن أوّل (٢٦٩ ظ) الحصول ضرورة ، أو لا ، بل قليلا قليلا ، فيكون لا محالة في زمان ينطبق هو عليه ، فكيف يتصوّر هناك الواسطة.
فيقال : ذلك الموجود أو المعدوم دفعة ، بمعنى الّذي يحصل في آن واحد يختصّ به ابتداء وجود الشّيء أو عدمه بتمامه ، ليس لازما لقابل الّذي يوجد يسيرا يسيرا أو يعدم يسيرا يسيرا ، بل هو أخصّ صدقا وتحقّقا ممّا هو المقابل ، والمقابل هو الّذي ليس يذهب إلى الوجود أو العدم أو الاستحالة أو غير ذلك يسيرا يسيرا. وهذا يصدق على ما يحصل وجوده بتمامه دفعة واحدة في آن ما ، سواء استمرّ زمانا ما ، أو لم يبق بعد ذلك الآن أصلا ، أو يحصل عدمه (٢٦٩ ب) بتمامه دفعة واحدة في آن ما ، على ما يحصل وجوده بتمامه في زمان ما ، بأن يكون في جميع ذلك الزّمان موجودا ، على أنّه في كلّ جزء من أجزاء ذلك الزّمان وفي كلّ آن من الآنات