خالفت سياق كلام هذا الحكيم المحقق ، حيث جعلت نسبة الزمانيّات إلى الزمان مقصورة على الفيئيّة. وهذا المحقق أخذ الزمانىّ على الأعميّة من أنّ يوجد في الزمان أو معه. وأيضا جعلت نسبة حامل محلّ الزمان ، أعنى الفلك الأقصى المتحرّك بالحركة اليوميّة [١٦٨ ب] إلى الزمان ، بالمعيّة الغير الزمانيّة ، لا التي تكون للزمانيّات ، وهو عدّ الأجرام العلويّة بأسرها من الزمانيّات وجعل كلّ مكانىّ زمانيّا. فيكون نسبة جميع الفلكيّات إلى الزمان نسبة متقدّرة زمانيّة.
فيبيّن وجه الإزاحة : بأنّ هذا المحقق إنّما عنى بهذه المعيّة المعيّة الزمانيّة. وهي إمّا نفس الفيئيّة ، كمعيّة الحركة والزمان ، أو راجعة إليها ، كمعيّة المتحرك والزمان أو المتحركين. وإنّما عنيت بحامل محلّ الزمان ، في نفى المعيّة الزمانيّة عنه بالنسبة إلى الزمان ، نفس ذات الفلك الأقصى مع قطع النظر عن كونه متحرّكا لا مع اعتبار الحركة. فإنّه أيضا ينسب بذلك الاعتبار إلى الزمان بالفيئيّة [١٦٩ ظ] المعبّر بها عن النسبة المتقدّرة الانطباقيّة ، والزمانىّ هو ما يصحّ أن يتعلق بالزمان بالفيئيّة أو المعيّة المنتهية إليها أخيرا ، سواء كان ذلك له بالذات أو باعتبار معروضيّة الحركة ، فالمعتبر في ما ليس بزمان هو نفى ذلك التعلّق بحسب الأمر مطلقا لا بالنظر إلى الذات من حيث هي فقط.
فإذن ، الجسمانيّات بأسرها من الأجرام العلويّة والسفليّة جميعا ، مع جميع ما يتعلّق بالمادّة وجودا ، ذاتا أو فعلا ، وحدوثا وبقاء جميعا زمانيّات. وكيف يكون شيء مكانيّا ولا يكون زمانيّا ، وكلّ مكانىّ فإنّه ذو وضع ، والوضع يتشخّص بذاته وبالزمان ، [١٦٩ ب]. والزمان يتشخّص بالوضع ، وكلّ زمان له وضع مخصوص ، لأنّه تابع لوضع مخصوص من الفلك. والمكان يتشخّص أيضا بالوضع ، فإنّ لهذا المكان نسبة إلى ما يحويه مغاير نسبة المكان الآخر إلى ما يحويه. وهذه المعانى ستنكشف من ذى قبل ، إن شاء الله تعالى.
[٢٧] وهم وكشف
أرأيت بعض أولى الاعتياد بدقّة النظر وسعة التعقّل ، [هو الحكيم الفاضل شمس الدين محمد الخفريّ في حاشية إلهيّات شرح التجريد. منه رحمهالله]. كيف ضاق عقله وقصر نظره ، فتوهّم : أنّ علمه تعالى بالجزئيّات الزمانيّة باعتبار وجودها العينىّ ،