الأخرى مع اختلافهما. ونقول : المنتزع بالإضافة إلى ما ينتزع منه ، فالواحد بالاتصال لا يختلف بالطبيعة. والماء ، مثلا ، لا يكون بينه وبين ما يخالفه في الحقيقة وحدة بالاتصال ، بل وحدة بالتّماسّ. والقسمة الوهميّة أو الفرضيّة ، إنّما يكون إلى أمور متحدة في الماهيّة مشابهة للكل في الحقيقة. وعليه بنى إبطال مذهب ديمقراطيس. فلا تصغ إلى المنكر «صدر المحققين» ، فإنّه مخاصم العقل وعدوّ الحكمة.
قال في المقالة [٥٧ ظ] الثالثة من الإلهيّات «الشفاء» ؛ «والوحدة بالاتصال إمّا معتبرة في المقدار فقط ، وإمّا أن تكون مع طبيعة أخرى ، مثل أن تكون ماء أو هواء. ويعرض للواحد بالاتصال أن يكون واحدا في الموضوع ، فإنّ الموضوع المتصل بالحقيقة جسم بسيط متفق بالطبع. وقد علمت هذا في الطبيعيّات. فيكون موضوع وحدة الاتصال أيضا واحدا في الطبيعة من حيث إنّ طبيعته لا تنقسم إلى صور مختلفة» (ص ٩٩).
[٩] إفصاح
أفقد بان لك أنّ اتحاد الموضوع والمحمول في الوجود الّذي هو مناط الحمل الّا إذا كان [٥٧ ب] حقيقتهما واحدة بالذات متغايرة بالاعتبار ، لأنّ الوجود ليس إلّا نفس المعنى المصدريّ المنتزع عن الماهيّات المتخصّص بالإضافة إليها ، لا قبل ، فلا يتصوّر اتحاد الحقائق المتباينة بالذات بحسبه. فحقيقة الموضوع والمحمول إن كانتا متحدتين بالذات ، كالإنسان والحيوان ، استتبع ذلك اتحاد هما في الوجود أيضا كذلك ، فيكون الحمل ذاتيّا وإن كان اتحادهما بحسب الحقيقة بالعرض ، كما في الإنسان والأبيض ، استتبع ذلك اتحادهما بحسب الوجود أيضا كذلك ، فيكون الحمل بالعرض. فليكن ذلك لقريحتك [٥٨ ظ] في الفطانة دستورا ، وليخترط في سلك ما لا مجاز لك من الغياهب دون أن تتّخذ منه لبصرك نورا.
[١٠] تذكرة
سبيل الآن من الزّمان يشبه من وجه سبيل النّقطة من الخطّ ، وهي للخطّ طرف ونهاية ، كما الخطّ للسطح ، والسّطح للجسم. لكن الآن لا يوجد أصلا إلّا بحسب التوهّم على خلاف الأطراف ، والأطراف ربما تكون فاصلة ، والآن لا تكون إلّا واصلا.