فالاحتجاج به على بطلانه مصادرة على المطلوب الأوّل وأخذ للشىء في بيان نفسه.
وعقد هذا التّعويص إنّما ينفسخ بما أسّسناه في ضابط الحيثيّات في كتابنا «الإيماضات والتشريفات» ، وأوردناه في كتاب «التقويمات والتصحيحات» ، وأوضحنا سبيله في فسخ هذا الشكّ في رسالتنا «السبع الشداد» ، والحمد لله ربّ العالمين ، إزاء لفضله العظيم وطوله القديم.
الإعضال الثامن عشر
(ترك المسنونات بأسرها من الكبائر)
قد عدّ الأصحاب ، رضوان الله تعالى عليهم ، والفقهاء من العامّة ، ترك المسنونات بأسرها من الكبائر ، وأورد شيخنا الشهيد ، نوّر الله رمسه ، في «قواعده». ومن المستبين أنّ ما هو حرام فضدّه العام ، وهو الذي في قوّة نقيضه ، واجب ، وما هو واجب فضدّه العام حرام. فإذن يكون فعل مسنون ما من المسنونات لا بخصوصه مأمورا به وجوبا ، فيرجع المندوب إلى الاندراج تحت الواجب وتكون المندوبات جميعا من الواجبات التخييريّة السّائغ تركها إلى بدل ، لا لا إلى بدل. وكذلك قد عدّ بعضهم فعل المكروهات بأسرها أيضا من الكبائر. وذلك يصادم كون المكروه ما يمدح ويثاب تاركه بما هو تارك له أو لا يذمّ ولا يعاقب فاعله من حيث هو فاعل له. فإنّ المكروهات الصرفة بأسرها يجب أن يصدق عليها حدّ المكروه ، كما يصدق على كلّ واحد من آحادها. وكذلك يجب أن يصدق على الفرد المنتشر من المكروهات لا بعينه ، كما يصدق على كلّ مكروه مكروه بخصوصه ، ضرورة أنّ جملة الجائزات الصرفة في حكم الجواز ، ككلّ واحد من آحادها بتّة.
وهذه العقدة المعضلة العوصاء قد أوضحنا بفضل الله العلىّ العظيم سبحانه سبيل انفساخها وانفكاكها في رسالة «السبع الشداد» وفي حواشينا المعلقات على «قواعد» شيخنا الشهيد. والحمد لله ربّ العالمين مفيض العقل حقّ حمده.
الإعضال التاسع عشر
(نيّة المعصية وحكمها)
قد أجمع أصحابنا ، رضوان الله تعالى عليهم ، والفقهاء من العامّة على أنّ نيّة المعصية