فهى بذلك الاعتبار متخلّفة الوجود عن البارئ الحقّ ، سبحانه ، لا بما هي حوادث زمانيّة ، إذ إنّما الحدوث الزّمانىّ مبدأ تصحيح التّخلّف السّيّال المتكمّم ، لا التّخلّف الصّريح؛ وعن زمانىّ متقدّر الوجود ، لا عمّا يتقدّس عن التّقدّر والتّزمّن ، إلّا أنّ النّظام الجملىّ لا يعقل توقّفه على غير ذات البارى الحقّ سبحانه وكذا أقرب أجزائه من البارئ الحقّ ، وهو العقل الأوّل. وأمّا سائر أجزائه حتّى الحوادث الكونيّة الزّمنيّة فيحدث كلّ منها في الدّهر مع جملة ما يرتبط ويشترط هو به بإفاضة الجاعل الحقّ إيّاها كلّها جميعا مع معيّة دهريّة.
والحدوث الزمانىّ إنّما يستتبّ أمره بالهيولى والحركة والزّمان ، والحوادث الزّمانيّة إنّما يتصحّح ترتّباتها وتعاقباتها وتخصّصاتها بأزمنة وآنات بأعيانها بحركات الأجرام السّماويّة في الأوضاع ؛ وحركة هيولى عالم الأسطقسات في الاستعدادات والكيفيّات الاستعداديّة واللّانهاية في المعدّات والمتمّمات ، إنّما هي لايقفيّة عدديّة ؛ والعدمات الزّمانيّة ليست بأعدام بالحقيقة بل إنّما المعقول من العدم الزّمانىّ غيبوبة زمنىّ محدود الوجود عن زمنىّ آخر محدود الوجود لا غيره.
والتّقدّمات والتّأخّرات والتّقضّيات والتّجدّدات مستندة إلى أفق التّقضّى والتّجدّد وهو الزّمان ، ومنتهية إلى نفس هويّات أجزائه. وإنّما ضمان بسط البيان وتفصيله في ذلك كلّه على ذمّة كتابنا «الإيماضات والتّشريفات».
عقد وحلّ
(٧ ـ إيجاد العالم المعدوم والوجود الحادث)
فإن عضّل عليك المشكّكون ، بأنّ عدم العالم في الدّهر قبل وجوده ، إمّا أنّه واجب بالذّات فكيف ينقض ويوجد العالم بعده ، وإمّا أنّه ممتنع بالذّات فيكون العالم واجب السّرمديّة بتّة ، وإمّا أنّه جائز بالذّات فيكون لا محالة له علّة ، وعلّة العدم ليست إلّا عدم علّة الوجود وأنّ علّة الوجود هو الجاعل الحقّ الممتنع العدم الواجب الوجود بالذّات ، جلّ مجده ، لا غير.
فاتل عليهم : أنّ الممتنع بالنّظر إلى ذات العالم إنّما هو الوجود السّرمديّ ، فلا محالة إنّما الواجب بالنّسبة إلى ذاته نقيضه ، وهو رفعه ؛ ورفع الوجود السّرمديّ إمّا