مرتقبة ، بل يكون جميع جهاته حاصلة بالفعل مع حصول ذاته ما دامت حاصلة.
وبالجملة ، كما المكان مع جميع الأمكنة والحدود بالوجود في الأعيان على سنّة واحدة؛ فكذلك الزّمان من عوارض المادّة ، والمفارق المحض يكون خارج الذات والوجود عن عالم الزّمان ومع جميع الأزمنة والآنات بالوجود بالفعل معها في الأعيان على سنّة واحدة. ومن هناك قيل : للزّمان أسوة حسنة بالمكان في الأحكام.
فكما ليس بالقياس إلى المفارق هنا وهناك المكانيّان ، ويعسر على الغريزة الوهمانيّة تصوّر ذلك ؛ كذلك ليس بالقياس إليه اليوم وأمس ، وهاهنا وهناك الزّمانيّان ، أى الحضور والغيبة ، والتّجدّد والتّقضّى. والقريحة الوهميّة تستغرب ذلك.
فقد استبان أنّ عالم المكان بأسره بالنّسبة إلى الموجود المفارق في معيّة الوجود في حكم نقطة واحدة ، وعالم الامتداد الزّمانيّ من أزله إلى أبده بالقياس إليه في معيّة الوجود في حكم آن واحد ، وقاطبة الموجودات بأسرها في نسبة وجوده إلى وجوداتها بالمعيّة الدّهريّة في حكم موجود واحد. فإذن قد اقترّ وعاء الدّهر الذي بحسبه تلك المعيّة.
ثمّ إذا كان العقل المفارق ذلك شأنه ، فما ظنّك بالقدّوس الحقّ الذي لا يكتنه كنه قدسه ولا يقاس عزّ مجده. فما بقي إلّا أن تستيقن أنّ قاطبة الموجودات بالقياس إليه سبحانه وإلى إفاضته إيّاها وإحاطته بها بالفعل في حكم موجود واحد ، وجملة الامتداد الزّمانيّ في حكم آن واحد ، وجملة الامتداد المكانىّ في حكم نقطة واحدة.
وبالجملة ، تشطير الجائزات في حكم الحدوث والسّرمديّة وتسويغ اختلاف نسبة المفيض الحقّ إليها بالإفاضة بالفعل واللّاإفاضة وبالمعيّة في الوجود واللّامعيّة ، حتّى يلزم أن يكون هي نسبة متقدّرة امتداديّة ، فاحشة ظنيّة في ملّة القوّة النّظريّة وسيّئة وهميّة في دين الفطرة العقليّة.
والذي يجب عند الفحص الصّحيح في شريعة العقل الصّريح هو أن يقال : إنّ جملة الجائزات والمتجوهرات بالنّسبة إلى جنابه سبحانه وإلى إفاضته الحقّة على سبيل واحد. فإمّا أنّه يسوّغ سرمديّة عوالم الجواز بحذافيرها ، مبدعاتها وكائناتها جميعا ، وليس ذلك من ضريبة الفطرة الإنسانيّة ؛ أو يحكم أنّها بأسرها سواسية في حكم الحدوث و