التجدّد صارت مستند الحوادث وواسطة في صدورها عن القديم.
وليس يتخصص الأمر بالحركة التوسّطيّة أو القطعيّة ، بل الحركتان القطعيّة والتّوسّطيّة سبيلهما من جهة الاتّصال المتقدّر الغير القارّ واحد ، لكنّه في الحركة القطعيّة بحسب ما لها من الأجزاء والأبعاض المنحلّة هي في حدّ هويّتها إليها ، وفي الحركة التّوسّطيّة بحسب ما يكتنف حصولها ويلزم طباعها من النّسب المختلفة الغير المستقرّة إلى حدود ما فيه الحركة ، إذ هي بحقيقتها مستمرّة الذات الشّخصيّة ، سيّالة النّسبة المتقدّرة.
ولا تزعمنّ أنّه يعود عليهم السّؤال عن علّتها من جهة الحدوث والتجدّد ، إذ كلّ متجدّد فله في تجدّده لا محالة علّة متجدّدة ، كما ظنّه الشّيخ الغزالىّ ومن اقتاس به ؛ أو عن علّة عدمها الطّارئ من بعد التجدّد الموقوف عليه وجود المعلول الحادث ، إذ الحادث الزّمانىّ يتوقّف لا محالة على وجود المعدّ وعدمه الطّارئ جميعا ، كما توهّمه بعض متأخّرة المقلّدين. أليسوا قد جبّوا عرق الوهم في ذلك كلّه ، بقولهم المحصّل المقشوّ. وهو أنّ المتجدّد المفتاق إلى علّة متجدّدة ليس إلّا الماهيّة الّتي عرض لها التجدّد من حيث هي معروضة.
فأمّا الحركة ، فإنّما حقيقة متجدديّتها أنّ ماهيّتها هي الحدوث والتّجدّد ، لا أنّها شيء عرض له أن يكون متجدّدا. وإذ حقيقتها نفس التّجدّد فإذا كانت دائمة الوجود دواما دهريّا لم تكن مفتاقة إلّا إلى علّة دائمة وكذلك إذا كانت حادثة في الدّهر من حيث هى حادثة في الدّهر من بعد العدم الصّريح ، على ما عرّفناك من قبل. وأمّا إذا كانت حادثة في الزّمان من بعد العدم المستمرّ فليس لها محيد عن علّة حادثة متجدّدة.
وبالجملة ، العقل الصّراح ليس يقضى بوجوب حدوث العلّة إلّا للمعلول المتجدّد ، أمّا المعلول الذي هو في حدّ نفسه ماهيّة التجدّد والتغيّر فلا يستوجب عند العقل ذلك ، إلّا إذا عرض له تجدّد وتغيّر يزيدان على جوهر ذاته ، كالحركة الحادثة حدوثا زمانيّا بعد أن لم يكن بعديّة زمانيّة ، والحركة الحادثة المستديرة الفلكيّة المتّصلة المستمرّة ليست على تلك الشّاكلة.
فإذن هي غير مستندة إلّا إلى علّة دائمة سرمديّة وسواء عليها في ذلك أكانت سرمديّة الوجود فى الدّهر أم غير حادثة إلّا حدوثا دهريّا. وليس إذا كان المعلول