أفليس ما يدخل في قوام جوهر الحقيقة بما هي هي جوهريّاتها المحمولة ، وهي الطّبائع المرسلة المتّحدة ، هي تلك الحقيقة ، وبعضها [٦٣ ظ] وبعض آخر ذاتا ووجودا في الأعيان وفي لحاظات الذهن إلّا لحاظ التّعيّن والإبهام الذي هو بعينه ظرف التمايز والتخالط باعتبارين ولحظين ، فكيف تكون هي ماهيّات مختلفة متباينة؟ وما يدخل في تقوّمها بحسب الوجود أجزاؤها الوجوديّة الّتي بإزائها الجوهريات المحمولة. وهي وإن كانت ممايزة الذّوات ، متفارزة الوجودات ، إلّا أنّها تلتحق بالمتحدات في ضرب من لحاظ العقل. فالمادّة تنقلب جنسا والصّورة فصلا باعتبار اللابشرطيّة والإرسال في لحاظ آخر. وأيضا مع عزل النظر عن ذلك ، لا محالة ، يتأحّد منها في الوجود حقيقة وحدانيّة محصّلة ، فكيف تكون هي ماهيّات مختلفة من مقولات متناهيّة؟
فإذن أنت ميسّر لأن تستيقن : أنّ القيّوم الواجب بالذّات أحدىّ الذّات ، بسيط الحقيقة من كلّ وجه ، ليس يجوز أن يأتلف من مباد عينيّة هي الأجزاء الوجوديّة ، ولا أن يتقوّم من طبائع مرسلة هي الذّاتيّات المحمولة. وبالجملة ، لا تعقل في حقيقته كثرة ، ولا يتصوّر تحليل إلى حيثيّات ، ولا يلتقط من ذاته حيثيّة ما أصلا ، وراء حيثيّة نفس الذّات الأحديّة البسيطة الحقّة من كلّ جهة. أليس إذا كانت له أجزاء عقليّة أو عينيّة ، كانت إمّا بأسرها جائزات الماهيّة ، هالكات الحقيقة ، في حيّز نفس الذّات ، أو بأسرها قيّومات واجبات بالذّات ، أو متشابكة من الجائز بالماهيّة والواجب بالذّات.
فالأوّل ، كأنّه غريزىّ الاستحالة ، فطريّ البطلان ، أفكيف يسوغ أن يتصحّح الحقّ المحض من الباطلات الصرفة ، ويتحصّل الغنيّ المطلق والفعليّة الحقّة من الفاقرات البحتة والهالكات السّاذجة.
والثّاني ، مستبين الفساد ، بماريت أنّ الواجبات بالذّات إن فرضت لا تتصوّر إلّا وهي ذوات متلاينة متفارقة متّفقة [٦٣ ب] في الوجود بصحابة اتفاقيّة ، لا بعلاقة ذاتيّة لزوميّة، فكيف تتأحّد منها حقيقة وحدانيّة محصلة. فكلّ واحد إذن هو القيّوم الواجب بالذّات ، فلينظر في بساطته.
والثّالث ، تضامّ الحقائق المختلفة المنفصل كلّ واحد منها عن سائر ما عداها بتمام الماهيّة ، وهو غير محصّل للحقيقة ، ولا بمجد للتأحّد في المقولات المتباينة ،