بالقياس إلى الحدّ دون المحدود ، وإن كان الحدّ هو المحدود بعينه. فلذلك يقال : إنّ الطّبيعة المرسلة تتقدّم على الشّيء الطبيعيّ تقدّم البسيط على المركب.
وإن لوحظت طبيعته وحدها باشتراط أن تكون منحازة الذّات ومنفصلتها عمّا عداها مطلقا ، غير صحيحة الحمل على شيء ما ينضمّ إليها أصلا ، ولا على الملتئم منها ومن ذلك المنضمّ ، ولكن على أن تكون صالحة للاقتران أو مقترنة بالفعل البتّة بواحد بعينه من الامور الّتي هي غيرها ، أعني الّذي يضاهيها في الدخول في قوام الحقيقة بحسب الوجود اقترانا انضماميّا ، كان إمّا المادّة وإمّا الصّورة. فإن كانت البشرطلائيّة على هذه الجهة في الوجود العينى مع عزل النظر عن لحاظ العقل ، كانت المادّة والصّورة الخارجيّتين ، وإن كانت في لحاظ العقل كانت المادّة والصّورة التعقليتين. والجنس المرسل يحمل على المادّة مطلقا والفصل المرسل على الصّورة كذلك ، كما هما يحملان على النّوع ، لكنّ البسائط الخارجيّة من الماهيّات الجائزة ليس إلّا الجنس والفصل ، والمادّة والصّورة العقليّتان [٦٥ ظ] والأمر هناك أوضح.
وإن لوحظت طبيعته بشرط خلط الذّات بالآخر خلطا اتحاديّا ، كان هو النّوع بعينه ، وربّما يكون تقوّم النّوع ممّا يجري مجرى المادّة فقط من غير صورة ، كالعدد من الوحدات. ثمّ إنّ الاعتبارات الثلاثة ، أى : الارسال والبشرطلائية والبشرطشيئيّة ، سائغة اللحاظ في الطبائع المحمولة ، دون الأجزاء المعنويّة ، مع أنّ الطبائع محمولة على الأجزاء أيضا ، فتكون ، لا محالة ، عينها. فهذا ما استشكلته أقوام ، ولعلّ له سرّا قد اعتاص عليهم.
والّذي أنصّ عليه في ذلك هو أنّ الطّبيعة المحمولة لما كانت مرسلة لا بشرط شيء لم تكن تأبى ذاتها أن يدخل هناك شرط أو شروط ، أو لم يدخل ، فكانت ، لا محالة ، متحققة بتحقق ما بشرط شيء وما بشرط لا شيء ، فساغ فيها لحاظ الاعتبارات بأسرها ، وإن كانت هي معروضة أحدها بعينه ، بخلاف الجزء ، فإنّه طبيعة الجوهريّ بشرط لا شيء ؛ فليس يسوغ بالنّظر إلى ذاته أن يكون هناك شرط.
فإذن هذه اعتبارات متغايرة في أنفسها متباينة بحسب المفهومات منها ، إلّا أنّ اعتبار اللابشرطيّة ليس يصادم أن يحمل معروضة بما هو معروضه على معروضي شقيقيه حمل التواطؤ ، بل إنّه يسوّغه. وأمّا شقيقاه فعلى خلاف تلك الشّاكلة.