مجعولتها ، فلا هي لو لا هي ، فلا كثرة أيضا. لا أنّ الوحدة الحقّة من جملة الوحدات الّتي يأتلف منها الكثرة. فليس أنّى وضعت ثمّ رجعت ، بل إنّما المبدأ في الموضعين بمعنيين على اشتراك اللفظ.
ولشريكنا السّالف في «المباحثات» و «التعليقات» (ص ١٠٠) بيان على اسلوب دقيق ، حاول التلميذ في [٩٠ ب] «التّحصيل» (ص ٥٧٠) أن يشرحه ولم يأت بمشبع. فحقّ تلخيصه : أنّ من الوحدة ما سلب الكثرة من لوازمه ، ومنها ما هو من لوازم سلب الكثرة. وأولات الماهيّات ليس معنى الوحدة فيها بعينه سلب الكثرة بحسب جوهر الحقيقة وفي مرتبة نفس الذّات ، بل كلّ ذى ماهيّة فإنّ وحدته أمر غريب عن حقيقته تلحق ذاته ، كما إنّيته أمر غريب داخل على حقيقته حين ما هي متقرّرة من الغير على أن هي بنفس جوهرها مستفادة منه. فكما الوجود ليس من حيث نفس الماهيّة بما هي هي فكذلك الوحدة ليست من جهة نفسها.
وأيضا معنى الوحدة ، في كلّ ما له ماهيّة ، ما يصير به جملة معان أمرا متأحّدا ، ثمّ طبيعة ذلك الأمر شيئا واحدا بالشخص غير مشارك في ذاته الشّخصيّة من جهة ما يخصّه من نحو الوجود المتخصّص المستفاد من الوجود المتشخص بذاته. فإذن ، كلّ ماهيّة إنّما تكون واحدا بوحدة دخيلة عليه من جهة تأحّده وتوحّده.
وأمّا الوجود الحقّ ، فإذا وصف بأنه واحد ، فمعناه : أنّه بذاته ، لا بحيثيّة ملتقطة من ذاته ولا لسبب خارج ، عنه ، بحيث لا ينقسم ولا يتكثّر بوجه أصلا ، ولا يتصوّر له نظير ولا وجود في رتبة وجوده ، فسلب الكثرة هناك بحسب مرتبة الذّات ومن حيث نفس الحقيقة ، وليست الوحدة من لوازم (لواحق ل) الحقيقة. فهو وجود بحت مسلوب عنه الكثرة والشركة والازدواج من ماهيّة وإنيّة ووجود ووجوب. ورسم حقيقته : أنّه لا اسم له يدلّ به على نفس الحقيقة. وشرح اسمه : أنّه يجب وجوده [٩١ ظ] بلا علّة ، لا ما يجب وجوده.
فإذن ، الوحدة في صفاته تعالى ليست معنى وجوديّا بحسبه يستوجب الذّات سلب الكثرة ، كما هي في الذّوات الجائزة والموجودات الفاقرة ، إذ يلحقها وحدة ، فتكون هي واحدة بتلك الوحدة. بل معناها أنّه غير مشارك في وجوده وفي رتبة كما