العارض. فيجب إن كانت قارّة الوجود أن يجب معها المعلول بلا تأخّر وأمّا إذا كانت دائمة غير متجددة لزم بعينه الكلام الأوّل.
فإذا كانت العلل أو الأحوال التي بها العلل عللا قارّة الوجود حادثة أو غير حادثة ، لم يتمّ للحادث بها وحدها وجود. فإنّ القارّ إن كان دائما كان موجبه لا يتأخّر فيصير حادثا ؛ وإن كان حادثا كان لكونه علّة علّة أخرى. فيجب إذن أن تكون في العلل أو أحوال العلل علّة غير قارّة الوجود ، بل وجودها على التبدّل وعلى التنقّل من أمور إلى أمور ، وليس هذا غير الحركة أو الزمان ، والزمان في نفسه لا يفعل فعلها. فالحركة تقرّب وتبعّد ، فتكون سببا وعلّة بوجه ما ، إذ تقرب العلّة» انتهى كلامه بعبارته (ص ٢٣٥).
وكذلك التلميذ في طبيعيات «التحصيل» قال : «الأمور الواقعة تحت الكون والفساد أمور حادثة ، فيجب أن تكون عللها حادثة. فيجب أن تكون تلك العلل بالحركة حتى يصحّ الحدوث ، كما عرفت ، فإذن تعلّق حدوثها بالحركة الدوريّة. وأمّا وجود صورها فبسبب المفيد للصور الذي اثبتناه في ما تقدّم.» (ص ٦٤٤).
ومساق القول في زيادة بيان هذا إلى إثبات حركة المادّة في الاستعدادات المختلفة بالشدّة والضعف والكمال والنقص. ثمّ أخذ في فصل كيفيّة دخول الشرّ في القضاء الإلهي والإشارة إلى نظام العالم ، وقال فيه :
«إنّ الإرادات حادثة ، وكلّ حادث فله أسباب غير متناهيّة ، كما عرفته. فيكون أيضا تعلّقها بالحركة التي يصحّ فيها وجود غير المتناهي. وخصوصا بالحركة المتصلة السرمديّة التي هي حركة الفلك ، وأنّ الحركة صادرة عن الأوّل ، فيجب أن تكون إرادتنا أيضا بهذا متعلقة بواجب الوجود بذاته وسببها هو» (ص ٦٥٧).
ثمّ قال : «وأمّا وجود أصناف الشرّ في هذا العالم وكيفيّة دخوله في القضاء الإلهيّ فعلى ما أقوله ، معلوم أنّه ليس للماهيّات الممكنة في ذواتها وفي كونها ممكنة سبب ؛ ولا في حاجتها إلى علّة لوجودها ، سبب ، ولا لكون المتضادين متمانعين في الوجود علّة ، ولا لكون كلّ كائن فاسد علّة ، ولا لقصور الممكن عن الوجود الواجب الوجود بذاته ونقصانه عن رتبته علّة ، ولا