حصول حادث آخر أبديّ الوجود ، أو أن يكون هناك سلاسل لا متناهية من الحوادث ، يتعلّق كلّ من آحاد واحدة منهنّ في زواله بواحدة من آحاد الأخرى في وجوده.
فهنالك حسب حاسب منهم المخلص أن يقال : إن المصادم الحادث هو من سلسلة المعدّات المتعاقبة ، لا خارج عنها. فإذا أفضت سلسلة الأوضاع الفلكيّة إلى حادث بخصوصه، كصورة بعينها ، فتلك الأوضاع متسبّبة لوجود تلك الصّورة بشرط انتفاء الوضع المستوجب حصوله ارتفاعها. ثمّ تلك السّلسلة الوضعيّة بعينها تنساق إلى حدوث ذلك الوضع ، وعند حدوثه تزول تلك الصّورة ، ويتعقّبها حدوث صورة أخرى يستوجبها الوضع الحادث.
واستوهن جدواه بإعادة النّظر إلى زوال ذلك الوضع الحادث ما شانه : أهو لحدوث وضع آخر لاحق؟ وقد تأصّل أنّ الوضع السّابق بحدوثه وزواله من أسباب حدوث الوضع اللّاحق فيكون قد صار الأمر دائرا ؛ أو لزوال الوضع السّابق؟ وكان قد استبان أنّ زواله هو المتمّم الأخير لعلّة الحدوث ، فيكون أمر واحد بعينه علّة الحدوث والزّوال جميعا ؛ أو لحدوث أمر آخر خارج عن سلسلة الأوضاع ، أو لزواله؟ فيكون إذن قد عاد مخشىّ الخلف جذعا ، ولزمت تلك السّلاسل اللّامتناهية ، والسّلاسل للّامتناهية من الحوادث إنّما تنتظم بحركات لا متناهية لمتحرّكات لا متناهية. فإذن يلزم أن يكون فى الوجود أجسام وراء النّهاية العدديّة.
ولثلّة من المستدفعين أطوار أخر للقول تسير مسير المتلوّات عليك في المحاذير وبالجملة لم يبلغنى عنهم هناك ما يبلغ نصاب الصحّة أو يستكمل فضيلة الإجداء. ولعلّ أجدر أقاويلهم باستحقاق الذكرى ما تجشّمه خاتم حملة عرش التّحقيق : (تلخيص المحصل ، ربط الحادث با تقديم ، ص ٤٨٤)
«إنّ إعداد أحد المتعاندين يزيل إعداد المعاند له والسّابق لمّا كان معدّا للّاحق كان ذلك الإعداد مزيلا لإعداد وجود السّابق ، حتّى إذا تمّ إعداد اللّاحق زال إعداد وجود السّابق بالتّمام ، وحينئذ يفنى السّابق ويحدث اللّاحق. وليس هذا دورا ، لأن إعداد اللّاحق معلول لوجود السّابق ، وهو المزيل لإعداد وجود السّابق ، فهو علّة للعدم اللّاحق بالسّابق بالغرض ، وذلك العدم شرط في وجود اللّاحق ، لا في إعداد