ملكة المعالجة ، والمتأثّر هي من حيث ما لها من قبول العلاج. وفي علم النّفس بذاتها إنّها من حيث حضور مجرّد عندها عالم ، ومن حيث إنّها مجرّد حضر عند مجرّد معلوم. فموضوع العالميّة يغاير موضوع المعلوميّة بالاعتبار ؛
ولا يستشعر أنّ المقيّد باعتبار [٤٥ ظ] مطلق التقييد ، مع عزل النظر عن خصوصيّة القيد إذا كان نوعا من العدم ، بمعنى الأخصيّة منه ، كان باعتبار الخصوصيّة أحرى بأن يكون كذلك ، ونوعيّة الأوّل بالنّسبة إلى طبيعة العدم المطلق غير مدافعه لأن يكون الثاني أيضا نوعا منه ، بل محققة لذلك. وكيف ظنّ أنّ علم المجرّد بذاته ممّا يحوج إلى تكثّر جهة تقييديّة فيه على أن يكون في ذاته شيء بإزاء العالميّة وآخر بإزاء المعلوليّة ولو بحسب انتزاع العقل. ولا يتكلّفه من في نفسه قوّة طابخة للحكمة. فقد استبان لذويها أنّ معقوليّة الشيء هو كون ماهيّته [٤٥ ب] المجرّدة لشيء ، وعاقليته هي كون ماهيّته مجرّدة لشيء له بلا شرط أن يكون ذلك الشيء هو أو غيره ، ووجود المعقول في ذاته هو وجوده لمدركه ، ووجوده لمدركه نفس معقوليّه.
فلمّا كان المجرّد وجوده لذاته بخلاف الماديّ ، فإنّ وجوده في ذاته هو وجوده للمادّة ؛ كان وجوده بعينه عقله لذاته ، وما منه بإزاء العاقليّة هو ما منه بإزاء المعقوليّة ، إلّا أنّك إذا قايست بينه وبين الذّوات العاقلة لمعقولات هي غيرها سمّيته باعتبارك أنّ ذاته لها هويّته المجرّدة عاقلا ؛ وحكمت بأنّ ذلك منه بإزاء العاقليّة ، [٤٦ ظ] وباعتبارك أنّ هويّته المجرّدة لذاته معقولا ؛ ووضعت هذا منه بإزاء المعقوليّة ، لا على أنّ في ذاته أحد الاعتبارين يخالف الآخر. فاختلاف الاسم يتبع اختلاف الإضافة الحاصلة بالمقايسة.
ولو كان الأمر كما ظنّ ، لا نجرّ تغاير اعتبارات ذات المبدأ الأوّل ، تعالى شأنه ، إلى تكثّر الحيثيّات في ذاته ، جلّ ذكره ، وهو قول فضيح يتقدّس عن أمثال ذلك جناب قدّوسيّته ، فليس هناك إلّا تكثّر الأسماء باعتبار السّلوب والإضافات اللّازمة من المقايسة بينه وبين غيره ، وكبرياؤه أعلى من ذلك كلّه. وليته ينظر إلى قول الشيخ الرئيس [٤٦ ب] أبي على في كتابى «الشفاء والنجاة».
فقد فهمت أنّ نفس كونه عاقلا ومعقولا لا يوجب أن يكون اثنين في الذّات ولا اثنين في الاعتبار أيضا ، فإنّه ليس تحصيل الأمرين إلّا اعتبار أنّ له ماهيّة مجرّدة هي