قبل مرتبة الوجود ، فليس يصحّ أن يتشخّص بنفس ذاته إلّا الذي تكون إنيّته بعينها ماهيّته. ثمّ لا يمترى في أنّ المتشخّص بحقيقته يجب أن يكون بسيط الحقيقة بساطة حقّة على الإطلاق. فيلزم أن يكون في الوجود بسائط حقّة بعدد أشخاص الموجودات.
ولا تستصحّنّ أيضا ما قد يخرص بالوهم أنّ الشخصيّة والإرسال والجزئيّة والكليّة من عوارض الإدراك ، لا من أوصاف المدرك ، وليس يتفاوت الشخصىّ والمرسل والجزئيّ والكلىّ بأمر ما في المدرك ، بل إنّما باختلاف نحو الإدراك. فمناط الشّخصيّة والجزئيّة هو الإدراك الإحساسىّ أو إدراك المجرّد نفسه إدراكا شهوديّا. ومناط الإرسال والكليّة الإدراكات [١٠٥ ب] التعقّليّة. ولا يزيد الشخص ، كزيد ، على الطبيعة النّوعيّة ، كالإنسان ، بشيء يدخل في الحقيقة الشّخصيّة ، ولا يدخل في النّوع المرسل. فلذلك ما إذا سئل عن الشخص ب «ما هو» لا يقع في الجواب إلّا النّوع.
أليس من البتّيّات الباتّة : أنّ كلّ شخص من أشخاص الطّبيعة ، فإنّ له في حدّ هويّته وبحسب نفسه ، مع عزل النظر عن وقوعه في التصوّر ، صلوح أنّ يحلّله العقل إلى هويّة شخصيّة مستحيلة الحمل على هويّات متعدّدة ، وطبيعة مرسلة هي تلك الطّبيعة الجائزة الانسلاخ الإرسالىّ عن تلك الشّخصيّة والاشتراك الحملىّ بين شخصيّات عدّة. فالهويّة الشخصيّة منحازة في اللّحاظ التحليلىّ عن الطبيعة النّوعيّة ومتأخّرة عنها تأخّرا بالذّات ، أى: تأخّرا بالماهيّة وتأخّرا بالطبع ، ولها مطلب «من» ، كما للحقيقة النّوعيّة مطلب «ما». ثمّ إنّ الشخص ، بما له الهويّة الشّخصيّة الممتنع قولها على الكثرة ، ربّما يدرك كذلك إدراكا تعقّليّا من جهة العلم الإحاطىّ بجملة الأسباب المتأدّية إلى شخصيّته. فكيف يكون التعقّل هو مناط الإرسال والكليّة.
فإذا نفضت قريحتك من الظنون الكاذبة نفضا ، ورفضت سبيل التّخمينات المكذوبة رفضا ، فاعلمن أنّ متشخّصيّة الهويّة الشّخصيّة الجائزة هي نحو وجودها الّذي يخصّها على الانفراد منفصلة منحازة عن سائر الهويّات الشّخصيّة الّتي هي مشاركاتها في الحقيقة والوجود.
لست أعني [١٠٦ ظ] بذلك : أنّ تشخّصها هو الوجود على الحمل الأوّلىّ أو على الحمل الشّائع الصّناعىّ ، ولا أنّ مبدأ شخصيّتها هو وجودها الخاصّ ، أى : حصّتها من