ومع ذلك ، فإنّ قلوب العشيرة من الحقد مملوّة ، [٨ ب] ونفوس الطّائفة بالحسد ممنوّة ، لله درّ صاحب المثنوى ، حيث قال :
چون كه اخوان را دلى كينه ور است |
|
يوسفم در قعر چاه اولاتر است |
فالشادّ حيزومه لإنجاح طلبتكم ، والأمر على هذا المساق يعدّ من حزب من يدّعى مساحة السّماء بذرعه والمتشمّر ذيله للسماح بسدّ مسغبتكم ، والزّمان على هذا السّياق يلحق فى الحكم بمن يبتغى البروز إلى قتال القضاء برمحه ودرعه. ومهما استعفيت أبيتم إلّا المراجعة ، وأبيت إلّا المدافعة. فالآن لذت بربّى وربّكم معتصما بحبل تأييده وتسديده ، وتذكرت (٩ ظ) قول الشّاعر :
لإن كان هذا الدّمع يجرى صبابة |
|
على غير ليلى فهو دمع مضيّع |
وأسعفتكم على مؤمّلكم حسبما اقتضاه ذوقى من الفطنة ووسعه قسطى من الحكمة بهذا «الصّراط المستقيم» النّاطق بكلمات إلهاميّة من لدن حكيم عليم تعيها أذن واعية.
فيا قوم ، هاؤم اقرءوا كتابيه ، فإنّ فيه من الجواهر ما بأبأته البحار بدررها وفدته الأفلاك بدراريها عسى أن يصبح به بحر المرام بسججه عذبا فراتا بعد ما كان ملحا اجاجا ، ويوضح به طور الكلام بقبسه ، [٩ ب] إلى طور المقام طرقا فجاجا.
فقد أوردت فيه طريقة الفلسفة اليونانيّة على مشرب متفلسفيها وفلاسفتها وأوضحت مسلك الملّة الإسلاميّة من الحكمة اليمانيّة على اختلاف أذواق الفرق من محقّتها ومبطلتها ، حتّى أشاعرتها ومعتزلتها ، بطبقات بسط الكلام ، من الردّ والإحكام والنّقض والإبرام ، ثمّ تشييد ما هو الرّكن الوثيق لديّ ، وتحقيق ما هو الطّريق الأنيق إلى ، على ما ورثته من الأقدمين. التقطت من عباراتهم واستفدت من إشاراتهم ما لم يورثه أحد أحدا ، (١٠ ظ) ألهمت وتحدّثت به ، أو أسهرت العين وكهّرت النّفس له من تعيين للمبهمات وتبيين للمهيّمات على تدقيق لم أزاحم عليه وتحقيق لم أسبق إليه ، أجرى به قلمى ، والأمر أوضح من نار على علم ، مضيفا إلى ذلك كلّه ما ناسبه من المقدّمات أو زامله من المتمّمات. (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ ، إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ، وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) ، (الطارق ، ١١ ، ١٤).
ولمّا استوى أمر المرام واستقام مقام الكلام ، خدمت به أعلى سدّة [١٠ ب] من