مكان وقرب وبعد من الأجسام تكون قد انطبعت فيه ، ثمّ تلحقها من جهة الحسّ صورة أخرى بحصول له آخر في مكان آخر وقرب وبعد آخرين ، فيشعر بالصّورتين معا على أنّهما صورة واحدة متحركة ، ولا يكون لها في الوجود حصول قائم كما في الذهن ، إذ الطّرفان لا يحصل فيهما المتحرّك في الوجود معا ، ولا الحالة التي بينهما لها وجود قائم. وأمّا المعنى [٩٣ ب] الموجود بالفعل الذي بالحريّ أن يكون الاسم واقعا عليه ، وأن تكون الحركة التي توجد في المتحرّك ، فهى حالته المتوسّطة حين يكون ليس في الطرف الأوّل من المسافة ولم يحصل عند الغاية ، بل هو في حدّ متوسّط» ، إلى آخر ما ذكر هناك ، بظاهرها. ناصّة على عدم وجود الممتدّ من الحركة في الأعيان بوجه أصلا.
فتظنّ و ـ أنت غير محصّل لمذهب الشيخ ، من مقامات اخر ـ أنّ ذلك هو ما عناه بها ، فاعلم أنّ ما رامه إنّما هو نفى وجود الحركة الممتدّة على أن تكون تارة تجتمع أجزاؤها في الوجود في الآن ، فإنّ ذلك لا يصحّ بحسب الأعيان بوجه أصلا ، بل إنّما يكون بحسب الارتسام [٩٤ ظ] في الخيال من حيث البقاء دون الحدوث ، على ما سلف ، لا نفى وجودها العينىّ مطلقا.
ويرشدك إلى ذلك قوله : «لا يجوز أن يحصل بالفعل قائما» حيث قيد الحصول بالقيام ، أعنى قرار الذّات ، وقوله : «ولا يكون لها في الوجود حصول قائم ، كما في الذهن ، إذ الطرفان» ، إلى آخره ، حيث نصّ على نفى الوجود من حيث يجتمع الطّرفان ، فكيف لا ، وقد قال ، بعد هذا القول بيسير (ص ٨٤) : «إنّ الّذي يقال ، من أنّ كلّ حركة ففى زمان ، فإمّا أن يعنى بالحركة الحالة التي للشيء بين مبدأ ومنتهى وصل إليه ، فتقف عنده أو لا تقف. فتلك [٩٤ ب] الحالة الممتدّة هي في زمان ، وهذه الحالة فوجودها على سبيل وجود الامور في الماضى وتباينها بوجه آخر ، لأنّ الأمور الموجودة في الماضى قد كان لها وجود في آن من الماضى كان حاضرا ، ولا كذلك هذا ، فيكون هذه الحركة يعنى بها القطع ؛ وإمّا أن يعنى بالحركة الكمال الأوّل. الذي ذكرناه ، فيكون كونه في زمان ، لا على أنّه يلزمه مطابقة الزمان ، بل على أنّه لا يخلو من حصول قطع ذلك القطع مطابق للزمان فلا يخلو من حدوث زمان ، لا أنّه كان ثابتا في كلّ آن من ذلك الزّمان مستمرّا فيه» ، انتهى قوله. [٩٥ ظ].