مثلا معا أو ببعضها ، ولا يكون ذلك البعض الماضى أو المستقبل ، لكونهما معدومين ، فتعيّن أن يكون هو الحاضر. فإن كان منقسما عاد الفساد بعينه وإن لم ينقسم كان هو المسمّى بالآن ، وليس بزمان ، ومع ذلك فإنّه لو وجد فإمّا أن يبقى ، فيكون منه شيء متقدم وشيء متأخر ولم يكن كلّه آنا ، او يعدم ويكون ذلك لا محالة دفعه ، لئلّا يعود الانقسام [٩٩ ظ] فعند فنائه يحدث آن آخر دفعة ، ولا يتخلّل بينهما زمان ، لفرض عدم البقاء ، فتتشافع الآنات ، وهو محال.
وبأنّ كلّ زمان يفرض فقد يتحدّد عند فارضه بآنين ، آن ماض وآن هو بالقياس إلى الماضى مستقبل ، ولا يوجدان معا. وبالجملة كيف يكون شيء واصلا من موجود ومعدوم.
وبأنّ المعيّة التي بالزمان هي أن يكون عدّة أشياء في زمان واحد او في آن واحد ، وكلّ حركة تستتبع زمانا. فإذا كانت عدّة حركات موجودة معا كانت أزمنتها لا محالة معا ، فيكون لتلك الأزمنة زمان واحد.
ثمّ الكلام في ذلك الزمان مع تلك [٩٩ ب] الأزمنة كالعدم فيها ، بعضها مع بعض ، إلى أنّ يلزم أزمنة بلا نهاية معا. والأزمنة تتبع الحركات ، فتكون هناك حركات لا نهاية لها معا ، فيلزم وجود حركات لا نهاية لها معا. هذا خلف. وقد سبق ما يزال به الأخير، إلّا أنّ له دفعا من وجه آخر أيضا.
قال الشيخ في طبيعىّ («الشفاء» ، ص ١٥٠) : «فمن جهة هذه الشكوك ووجوب أنّ يكون للزمان وجود ، اضطرّ كثير من الناس إلى أن جعل للزمان نحوا من الوجود آخر ، وهو الذي يكون في التوهّم ، والامور التي من شأنها أن توجد في التوهّم ، هي الأمور التي تلحق المعانى إذا عقلت ونوسب بينهما ، فتحدث (١٠٠ ظ) هناك صور نسب ، إنّما وجودها في الوهم فقط ، فجعلوا الزمان شيئا ينطبع في الذّهن من نسبة المتحرّك إلى طرفي مسافته اللّذين هو بقرب أحدهما بالفعل وليس بقرب الآخر بالفعل ، إذ حصوله هناك لا يصحّ مع حصوله هاهنا في الأعيان. ولكن يصحّ في النّفس ، فإنّه يوجد في النفس تصوّرهما وتصوّر الواسطة بينهما معا ، ولا يكون في الأعيان أمر موجود يصل بينهما ، ويكون في التوهّم أمر ينطبع في الذهن أنّ بين وجوده