أعراضها ، فإنّه يعرف كلّ شيء على ما هو عليه في الوجود ، كلّيّا [١٥٢ ب] كان أو جزئيّا ، سرمديّا أو زمانيّا ، فإنّه إذا كان يعرف الشيء بلوازمه ، والزمان من اللوازم ، فإنّه يعرف الأشياء مع أزمنتها». وقال في موضع آخر منه أيضا (ص ...) : «كلّ ما لم يكن في الزمان فلا يتغيّر ، إذ التغيّر يلحق أوّلا الزمان ثمّ ما يكون فيه».
وقال في كتابى («الشفاء والنجاة» ، ص ٢٤٦). «وليس يجوز أن يكون واجب الوجود يعقل الأشياء من الأشياء ، وإلّا فذاته إمّا متقوّمة بما تعقل ، فيكون تقوّمها بالأشياء ، وإمّا عارضة لها أن تعقل ، فلا تكون واجبة الوجود من كلّ جهة. وهذا محال. ويكون لو لا أمور من خارج لم يكن هو بحال ، ويكون له حال لا يلزم عن ذاته ، بل [١٥٣ ظ] عن غيره ، فيكون لغيره فيه تأثير. والأصول السالفة تبطل هذا وما أشبهه ، ولأنّه مبدأ لكلّ وجود ، فيعقل من ذاته ما هو مبدأ له ، وهو مبدأ للموجودات التامّة بأعيانها والموجودات الكائنة الفاسدة بأنواعها أوّلا وبتوسّط ذلك باشخاصها. ومن وجه آخر : لا يجوز أن يكون عاقلا لهذه المتغيّرات مع تغيّرها من حيث هي متغيّرة عقلا زمانيّا ، فإنّه لا يجوز أن يكون تارة يعقل عقلا زمانيّا منها أنّها موجودة غير معدومة ، وتارة يعقل عقلا زمانيّا منها أنّها معدومة غير موجودة ، فتكون [١٥٣ ب] لكلّ واحد من الأمرين صورة عقليّة على حدة ، ولا واحدة من الصورتين تبقى مع الثانية ، فيكون واجب الوجود متغيّر الذات.
ثمّ الفاسدات إن عقلت بالماهيّة المجرّدة وبما يتبعها ممّا لا يتشخّص لم تعقل بما هي فاسدة ، وإن أدركت بما هي مقارنة لمادّة وعوارض مادّة ووقت وتشخّص لم تكن معقولة بل محسوسة أو متخيّلة.
ونحن قد بيّنا في كتب أخرى : أنّ كلّ صورة محسوسة وكلّ صورة خياليّة فإنّما تدرك من حيث هي محسوسة أو متخيّلة بآلة متجزّئة. كما أنّ إثبات كثير من الأفاعيل للواجب الوجود نقص له ، كذلك إثبات [١٥٤ ظ] كثير من التعقّلات ، بل واجب الوجود إنّما يعقل كلّ شيء على نحو كلّىّ. ومع ذلك فلا يغرب عنه شخصىّ ولا يغرب عنه مثقال ذرّة في السماوات والأرض. وهذا من العجائب التي يحوج تصوّرها إلى لطف قريحة.
وأمّا كيفيّة ذلك ، فلأنّه إذا عقل ذاته وعقل أنّه مبدأ كلّ موجود عقل أوائل