وقال : (ص ١٢٢) «العلم الزمانىّ هو أن يدرك ذلك المعلوم في زمان أدرك كما أدرك الشيء المنسوب إليه ، كما يقول : هذا الشيء في هذا الزمان من حيث هو متخيّل أو محسوس أو معقول من حيث تأدّى إلى العقل منهما ، لا من حيث حكم به العقل من أسبابه وموجباته». وقال : «الابديّات وسائر الموجودات في حالة واحدة ، لها أحوال ونسب لبعضها إلى بعض ، وتلك النّسب كلّها موجودة معا للأوّل ، فهى معلومة له».
وقال : «العقل البسيط هو أن يعقل المعقولات على ما هي عليه من تراتيبها وعللها [١٥٨ ب] وأسبابها دفعة واحدة بلا انتقال في المعقولات من بعضها إلى بعض ، كالحال في النفس بأن يكتسب علم بعضها من بعض ، فإنّه يعقل كلّ شيء ويعقل أسبابه حاضرة معه. فإذا قيل للأوّل عقل. قيل على هذا المعنى البسيط إنّه يعقل الأشياء بعللها وأسبابها حاضرة معها من ذاته».
ثمّ قال «كلّ معقول للاول بسيط ، أى معلوم له بما له من اللوازم والملزومات إلى أقصى الوجود». ثمّ قال : «الأوّل يعقل الصور على أنّه مبدأ لتلك الصور الموجودة المعقولة وأنّها فائضة عنه مجرّدة غاية التجويد ، ليس فيه اختلاف صور مرتّبة متخالفة ، بل يعقلها بسيطا ومعا ، لا باختلاف [١٥٨ ظ] ترتيب ، وليس يعقلها من خارج».
ثمّ قال : «كما أنّ وجود الأوّل مباين لوجود الموجودات بأسرها ، فكذلك تعقّله مباين لتعقّل الموجودات ، وكذلك جميع أحواله. فلا يقاس حالة من أحواله إلى ما سواه ، فهكذا يجب أن يعقل حتى يسلم من التشبيه ، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا».
وقال فيه أيضا (ص ١٤٩) إن فرض أنّ الأوّل يخفى عليه شيء من الجزئيّات الكائنة لزم منه محال. وهو أنّ في علمه ما هو بعد بالقوّة فلم يخرج إلى الفعل ، وإنّما يخرج إلى الفعل عند إدراكه لوجوده. وأيضا فإنّ كلّ ما يحدث ويكون لا يخلو من أنّ يكون بقدر الله. فإن كان [١٥٩ ب] لا يعلمه فلا يكون من قدره ، فيكون هاهنا إله غير الله يكون ذلك الكائن بقدره ، تعالى الله عن ذلك» ، انتهى بعبارته.
فقال المعلم الثاني أبو نصر الفارابى في «فصوصه» (ص ٦٠) : «كلّ ما عرف سببه من حيث هو يوجبه فقد عرف. وإذا رتّبت الأسباب انتهت أواخرها إلى الجزئيّات الشخصيّة على سبيل الإيجاب. فكلّ كلّىّ وجزئيّ ظاهر عن ظاهريّته الأولى. ولكن