الأوّل ، وبه نتعلق ، وإليه [١٧٨ ب] نرجع ، وإن نأينا عنه وبعدنا. فإنّما مصيرنا إليه ومرجعنا ، كمصير خطوط الدائرة إلى المركز وإن بعدت ونأت» ، انتهى.
وأنصّ من ذلك كلّه ، على ما ريم تحقيقه بالتفصيل المشبع ذا هو قول شيخ الحكماء الإلهيّين ، صاحب الأنوار والإشراقات في كتابه الموسوم ب (ص ٣٠٧) «المشارع والمطارحات» حيث قال في أوّل فصول المشرع الثالث من الإلهيّات ، بعد ذكر أقسام التقدّم والتأخّر بإزاء المتقدّم : «وكذا مع وليس كلّ شيئين ليس بينهما تقدّم وتأخّر زمانىّ هما معا زمانا ، فإنّ المفارق بالكليّة لا يتقدّم على زيد مثلا زمانا ولا يتأخّر عنه وليس معه بالزمان أيضا ، وكذا غيره. فاللذان هما معا بالزمان يجب أن يكونا زمانيّين. كما أنّ اللذين هما معا في الوضع والمكان [١٨٩ ظ] يجب أن يكونا مكانيّين» ، انتهى بألفاظه.
وخاتم الحكماء في «نقد المحصل» (ص ١٢٨) ، حيث أثار صاحب «المحصل» فتنة التشكيك معترضا على الفلاسفة بقوله : «إنّ تقدّم عدم الحادث على وجوده ، لو وجب أن يكون بالزمان لكان تقدّم عدم كلّ واحد من أجزاء الزمان على وجوده بالزمان ، ولكان تقدّم البارى تعالى على هذا الجزء من الزمان بالزمان ، فيلزم أن يكون الله تعالى زمانيّا ، وأن يكون الزمان زمانيّا ، وهما محالان». قال : إنّهم ـ أى الفلاسفة ـ يقولون : القبليّة والبعديّة تلحقان الزمان لذاته ولغير الزمان بسبب [١٧٩ ب] الزمان ، والوجود والعدم لمّا لم يدخل الزمان في مفهومهما احتاجا في صيرورتهما بعد وقبل إلى زمان. أمّا أجزاء الزمان فلا تحتاج إلى غير أنفسها ، ولا العدم بالقياس إليها في كونه قبل أو بعد إلى غيرها. وأمّا البارى تعالى وكلّ ما هو علّة الزمان أو شرط وجوده فلا يكون في الزمان ولا معه إلّا في التوهّم حيث يقيسه الوهم على الزمانيّات. فهذا ما قالوه هاهنا». انتهى قوله.
وقال فيه أيضا ، حيث أعاد صاحب «المحصّل» (ص ١٩٩) ذكر هذا الوهم ، أعنى أنّ تقدّم البارى تعالى على أجزاء الزمان كتقدّم بعض أجزاء الزمان على البعض الآخر ، وهو الذي [١٨٠ ظ] سمّوه المتكلّمون التقدّم بالذات : «قد سبق ما يرد عليه. والحقّ أنّ البارى تعالى ليس بزمانىّ ، والزمان من مبدعاته ، والوهم يقيس ما لا يكون في الزمان