أيضا للوازمه ، لأنّ ما يعقل شيئا بالحقيقة ، فإنّه يعقل لوازمه ، ووجود لوازمه [١٧٧ ظ] أيضا هو معقوليّتها ، فلا يجوز أن يقال : إنّه عقلها ، فوجدت ، ولا أنّها وجدت فعقلها ، وإلّا كان يلزم محالان : أحدهما أنّه يتسلسل إلى ما لا نهاية له ، فإنّه كان يسبق كلّ وجود لازم عقل واجب الوجود له ، ويسبق كلّ عقل واجب الوجود لتلك اللوازم وجودها» ، انتهى بألفاظه.
والمعلّم الثاني أبو نصر الفارابىّ قال في («الفصوص» ، ص ١٠٣) : «هو ـ أى البارى تعالى ـ آخر ، من جهة أنّ كلّ زمانىّ يوجد زمان يتأخّر عنه ، ولا يوجد زمان يتأخّر عن الحق». وقال أيضا (ص ١٠١) : «وهو أوّل ، من جهة أنّ كلّ زمانىّ ينسب إليه يكون بعد ، فقد وجد زمان لم يوجد معه ذلك الشيء ؛ ووجد ـ أعنى الحقّ الواجب تعالى ـ معه [١٧٧ ب] لا فيه».
والمعلّم الأوّل أرسطوطاليس في «أثولوجيا» ـ بعد أن ذكر أنّه ينبغى لك أن تنفى عن وهمك كلّ كون بزمان حتّى تعرف المبدعات التي كوّنت من مبدعها بغير زمان ـ قال (ص ١١٤) : «فعلّة الزمان لا تكون تحت الزمان ، بل تكون بنوع أعلى وأرفع ، كنحو الظّل من ذى الظّل». ثمّ قال : (ص ١١٤) : «ولذلك صار ذلك العالم محيطا بجميع الأشياء التي في هذا العالم. وهذه الصور في ذلك العالم من أوّلها إلى آخر إلّا أنّ ما هناك بنوع أعلى وأرفع».
وقال فيه أيضا (ص ١١٠) : «وذلك العالم ساكن دائم السكون ، لأنّه في غاية الإتقان والحسن ، فلا يحتاج إلى الحركة بأن ينتقل من حال إلى حال. ولو أراد الحركة [١٧٨ ظ] والانتقال لم يقدر على ذلك ، لأنّ الأشياء كلّها فيه ، وليس شيء منها خارجا منه فينتقل إليه».
وقال فيه أيضا (ص ١٣٠) : «العلّة الأولى واقفة ساكنة في ذاتها وليست في دهر ولا زمان ولا في مكان ، بل الدّهر والزّمان والمكان وسائر الأشياء إنّما قوامها وثباتها به. وكما أنّ المركز ثابت قائم في ذاته ، والخطوط الخارجة من المركز إلى محيط الدائرة كلّها إنّما تثبت وتقوم فيه ، وكلّ نقطة أو خطّ في دائرة أو سطح فإنّما قوامه وثباته بالمركز ، فكذلك الأشياء العقليّة والحسّيّة. ونحن أيضا قوامنا وثباتنا بالفاعل