معقولة ، فهو عاقل ومعقول ، والموجودات كلّها معقولة له على أنّها عنه ، لا فيه».
ثمّ قال (ص ١٥٣) : «نفس تعقّله لذاته هو وجود هذه الأشياء عنه ، ونفس وجود هذه الأشياء نفس معقوليّتها له على أنّها عنه». ثمّ قال : «وجود هذه الموجودات عنه وجود معقول ، لا وجود موجود من شأنه أن يعقل أو يحتاج إلى أن يعقل».
وقال (ص ١٥٤) : «كون هذه الصور موجودة عنه هو نفس علمه ، بها ، وعلمه بأنّه [١٧٥ ب] يلزم عنه وجودها ، هو مبدأ لوجودها عنه ، وليس يحتاج إلى علم آخر يعلم به أنّه مبدأ لوجودها عنه. فهذه المعقوليّة هي نفس هذا الوجود ، وهذا الوجود هو نفس هذه المعقوليّة». وقال (ص ١٥٥) : «الموجودات معلولة له لا محالة ، وإذا قلنا : إنّه يستفيد علم الأشياء من وجودها ، يلزم أن يستفيد معقوليّة الأشياء من وجوداتها التي هي معلولة له ، فتكون معقوليّة الشيء بعد وجوده ، وذلك محال».
ثمّ قال (ص ١٥٦) : «الأوّل تعالى لا يستفيد علم الموجودات من وجودها ، فإنّه يفيدها الوجود ، فهو يعقلها فائضة عنه. ففى عقله لذاته عقله لها ، إذ هي لازمة له ، وهو [١٧٦ ظ] يوجدها معقولة ، لا أنّه يوجدها ويكون من شأنها أن تعقل».
ثمّ قال (ص ١٥٦) : «إن قال قائل : إنّه هل يعلمها قبل وجودها حتى يلزم من ذلك إمّا أن يعلمها ، وهي في حال عدمها ، أو يلزم إمّا أن يعلمها حال وجودها حتى يكون يعلمها من وجودها. كان قوله ذلك محالا ، ولأنّ علمه بها هو نفس وجودها ، ونفس كون هذه الموجودات معقولة له هو نفس كونها موجودة ، وهو يعلم الأشياء لا بأن تحصل فيه فيعلمها ، كما نعلم نحن الأشياء من حصولها ووجودها ، بل حصولها هو علمه بها ؛ ويعلمها بسيطة ؛ لا بأن يعلم الأسباب ويجمعها ، فيستنتج [١٧٦ ب] منها العلم ، كما نحكم نحن بأنّ هذا كذا ، وكلّما كان كذا فهو كذا ، فيكون في علمنا به تكرار أو استنتاج للآخر من الأوّل ، بل يعلم هذه الأشياء من ذاته ولازمه ولازم لازمه ، فيكون علمه بها على ما هي عليه علما بسيطا على الترتيب السببىّ والمسبّبىّ».
وقال فيه أيضا (ص ١٩١) : «كلّ ما كان وجوده لذاته فوجوده معقوليّته لذاته ، وكلّ ما كان وجوده لغيره فوجوده معقوليّته لغيره. ولمّا كان واجب الوجود مبدءا لجميع الموجودات على ترتيب الموجودات وكان عاقلا لحقيقة ذاته ، كان عاقلا