إلّا في الذهن. قال : «فهذا ما عندى في هذا الموضع المشكل العسر».
والمتأخّرون أزاغهم ذلك عن الحقّ ، فتوغّلوا في الزيغ أمد الغاية. أو لم تستغرب أنّهم كيف ولم لم يتفطّنوا انتهاض الشبهة عليهم أيضا حيث يعترفون بحدوث ارتسامها في الذهن على التدريج؟ فهل للتشكيك اختصاص بأحد الوجودين ، أو يسع مطلق حصول الشيء الوحدانىّ تدريجا. فإذا يشبه [١٩٦ ظ] أن يكون ما يزاح به عن المقامين هو أنّ وجود الشيء بتمامه في الآن أخصّ من وجوده بتمامه مطلقا ، فإنّ ذلك قد يكون في الزمان لا في آن ، ووحدة الشيء لا تأبى ذلك أصلا. والتدرّج في الحدوث لا ينافي وجود الشيء المتصل الواحد في نفسه بتمامه في مجموع الزمان الذي هو أيضا متصل واحد شخصىّ ، بل إنّما ينفى وجوده بهويّته الامتداديّة في آن أو شيء من أبعاض ذلك الزمان المنطبق عليه ، ولا استيجاب لكلّ حادث أن يكون لحدوثه بتمامه ابتداء غير منقسم على أن يختصّ وجوده [١٩٦ ب] بهويّته الامتداديّة لو كانت له ذلك بآن يتحقق فيه.
قال الشيخ في طبيعيات («الشفاء» ، (ص) : «المتصل لا أجزاء له بالفعل ، بل يعرض أن تتجزأ لأسباب تقسم المسافة ، فتجعلها بالفعل مسافات على أحد أنواع القسمة ، وما بين حدود ذلك أيضا مسافات لا يشتمل عليها آن وحركة على النحو الذي قلنا إنّه تكون في آن ، بل الحركة التي على نحو القطع ويكون الزّمان مطابقا لها ، ولا يكون المعنى الذي سمّيناه آنا هو متكثّر فيها بالفعل ، لأنّ ذلك لا يتكثّر بالفعل إلّا بتكثّر المسافة بالفعل. وإذا لم يكن متكثّرا بالفعل وكانت الحركة على [١٩٧ ظ] الموضوع الواحد ، أعنى المسافة ، حقّا موجودة ولم تكن كثيرة بالعدد ، كانت بالضّرورة واحدة بالعدد».
وقال بهمنيار في «التحصيل» ، (ص ٤٣٧) بعد ما حسبه إبطالا للتشكيك : «والحركة الفلكيّة ـ بالمعنى الذي تحققته ، أعنى ما يكون بين ماض ومستقبل ـ واحدة باقية فيه أبدا ما تحرّك، وأمّا الذي بمعنى القطع فيشبه أن يكون وحدته بالفرض ، لأنّ كلّ دورة إنّما تتحدّد بالفرض ، وبالجملة فإنّ وحدة الحركة مثل وحدة المسافة ، أعنى وحدة الاتصال».