إمّا من مقدّمات سوفسطائيّة. وليس شيء منها ببرهانىّ ، على ما حققه الشيخ الرئيس في «الشفاء» و «النجاة» وغيرهما.
وأمّا قولهم : «الحركة تقتضى المسبوقيّة ، والأزليّة تنافيها» ، ففيه سخافة ظاهرة ، إذا لمسبوقيّة إنّما هي في الحركات الحادثة وفي أبعاض الحركة الأزليّة التي هي أشخاص لماهيّة نوعها ، ولا ينافي ذلك وجود حركة قبل حركة لا إلى أوّل [٢٢٢ ظ] على أن يكون كلّ منها حادثة والنوع أزليّا محفوظا بتعاقبها. وكذلك الشخصيّة المتصلة لا إلى أوّل ، بحيث يمكن تحليلها إلى أبعاض غير متناهية في جانب الأزل.
وتشبّث مثير فتنة التشكيك في «المحصل» (ص ٢٠٠) : «بأنّ ماهيّة الحركة بحسب نوعها مركّبة من أمر يتقضّى ومن أمر يتحصّل ، لأنّها لا بدّ أن تكون منقسمة إلى أجزاء لا يجوز اجتماعها ، والمتحصّل مسبوق بالمتقضّى ، فماهيّتها إذن متعلقة بالمسبوقيّة ، وماهيّة الأزليّة منافية لذلك المعنى». فاسد ، بما حصّل ناقده (ص ٢٠١) : «إنّ التركّب ، من أمر تقضّى وأمر حصل ، يرجع إلى أشخاصها ، لا إلى نوعها».
والنوع باق مع المتقضّية [٢٢٢ ب] والحاصلة ، فإنّ الحركة لا تنقسم إلّا إلى أجزاء كلّ واحد منها حركة. فكلّ من المتقضّى والمتحصّل جزئيّ من جزئيّات ماهيّة الحركة ، وهي مستحفظة بكلّ منهما. وكذلك إذا قسم ذلك المتقضّى إلى جزءين ، يتقدّم أحدهما على الآخر ، وكلّ منهما جزئيّ لماهيّة الحركة الموجودة.
فإذن ، مسبوقيّة المتحصّل بالمتقضّى لا تستلزم إلّا مسبوقيّة فرد من ماهيّة الحركة بفرد آخر منها ، لا مسبوقيّة الماهيّة. ثمّ الزمان هو المتقضّى المتجدّد بالذات ، لا الحركة ، على ما تعرّفت. فالأحرى بذلك النظر ذاك ، لا هذه.
وما سبقت إليه أوهام [٢٢٣ ظ] : «أنّ كلّ جزئيّ من جزئيّات الحركة لمّا كان حادثا كان مسبوقا بعدم أزليّ ، فيجتمع عدمات تلك الجزئيّات في الأزل ، فلا توجد ماهيّة الحركة في الأزل ، إذ لو وجدت كان ذلك بعين وجود جزئيّ من جزئيّاتها ، فكان قد اجتمع وجود ذلك الجزئىّ وعدمه معا في الأزل» ؛
فلعلّك تجده أسخف من إخوانه ، فإنّ الأزل ليس وقتا محدودا وزمانا معيّنا تجتمع فيه عدمات الحركات بأسرها ، حتى لو وجد فيه شيء منها جامع وجوده