الذاتىّ ، ولا ينافى وجود الحادث أزلا وأبدا بوجود علّته الموجدة له دائما.
وثانيها مسبوقيّة وجود الشيء بعدمه مسبوقيّة دهريّة وسرمديّة لا زمانيّة ، بأن يكون الشيء معدوما في الواقع بأصل العدم الصرف [٢٣٤ ب] الغير المتصف بالاستمرار ومقابله ، ثمّ قد أخرج من صرف العدم إلى الوجود. ويشبه أن يكون أحقّ ما يصطلح عليه في تسميته هو الحدوث الدهريّ.
وثالثها مسبوقيّة وجود الشيء بعدمه مسبوقيّة زمانيّة ، بأن يتقدّم وجوده شطر من الزمان ، وهو المسمّى عند الجمهور بالحدوث الزمانىّ. ولا شطط أن يصطلح على جعل الحدوث الزمانىّ للقدر المشترك بين الأخيرين ، إلّا أنّه ليس ممّا تحدو عليه ضرورة عقليّة أو شرعيّة ، فلا جناح في الاصطلاح الأوّل ، وكأنّ الحقّ لا يتعداه.
وكذلك القدم بإزاء تلك المعانى يطلق [٢٣٥ ظ] على معان ثلاثة ، القدم الذاتىّ ، وهو بأن لا يكون وجود الشيء مسبوقا بالعدم مسبوقيّة بالذات. والقدم الدهريّ ، وهو بأن لا يكون وجود الشيء مسبوقا بعدمه في الواقع أصلا ، سواء سبق عدمه وجوده سبقا بالذات أو لم يسبق ، ويستلزمه في التحقق القدم الذاتىّ دون العكس. والقدم الزمانىّ ، وهو بأن لا يكون وجود الشيء مسبوقا بشطر من الزمان والحركة ، سواء كان مسبوقا بالعدم في الواقع أوّلا. وعلى هذا المعنى تتصف به المفارقات ، ويستلزمه في التحقّق القدم الدهريّ دون العكس.
ولو فسّر [٢٣٥ ب] القدم الزمانىّ بمقارنة وجود الشيء للزمان بجميع أجزائه من أزله إلى أبده لم يصحّ اتصاف المفارقات الغير الزمانيّة به حقيقة اللهمّ إلّا على تكلّف ، بل يختصّ صحّة الاتصاف به حينئذ بالزمانىّ ، كالحركة. ثمّ لو جعل الحدوث الزمانىّ للقدر المشترك بين المعنيين كان القدم الزمانىّ بإزائه عدم كون وجود الشيء مسبوقا بعدمه في الواقع أصلا. وظاهر أنّه حينئذ لا يكون مسبوقا بشطر من الزمان والحركة.
ثمّ القديم الزمانىّ عند المتهوّسين بالقدم يطلق تارة بالقياس وتارة مطلقا. فالقديم بالقياس هو شيء زمانه [٢٣٦ ظ] في الماضى أكثر من زمان شيء آخر. والقديم مطلقا هو الذي وجد في زمان ماض غير متناه. والمتكلمون يجعلون القديم ما يكون موجودا في أزمنة موهومة مقدّرة غير متناهية لا بداية لأوّلها.