واحد واحد لمجموع الآحاد ، وسوف نحقّقه من ذى قبل [٢٥٦ ب] إن شاء الله تعالى. وأثبت جوهرا سمّاه العنصر الأوّل ، وأطلق لفظ الإبداع عليه ، وقد أخرجه عن الأزليّة بذاته ، بل جعل وجوده بوجود واجب الوجود ، كسائر المبادى التي ليست زمانيّة ، ولا وجودها ولا حدوثها حدوث زمانىّ.
قال : «فالبسائط حدوثها حدوث إبداعىّ غير زمانىّ ، والمركّبات حدوثها بوسائط وسائط حدوث زمانىّ».
وقال : «الشيء الذي لا حدوث له هو وجود البارى تعالى. والشيء الحادث الذي ليس بباق هو وجود الكائنات الفاسدات التي لا تثبت على حاله واحدة. والشيء الحادث [٢٥٧ ظ] الموجود بالفعل. وهو أبدا بحال واحد هو وجود البسائط والمبادى التي لا تتغيّر من الجواهر العقليّة التي هي فوق الزمان».
وقال : «إنّه لم يسبق العالم زمان ، ولكنّه حادث أبدع ، ولم يكن فى الوجود شيء ، ولم يبدع عن شيء» ، فإذن لا يكاد يصحّ اتفاق الحكيمين في أمر الحدوث.
ويشبه أن يكون هذا الحكيم المبرّز قد أخذ هذا الحكم من فرفوريوس الشارح لكلام أرسطاطاليس ، حيث قال : «إنّ الذي يحكى عن أفلاطون عندكم ، من أنّه يضع للعالم ابتداء زمانيّا ، [٢٥٧ ظ] ، فدعوى كاذبة. وذلك أنّ أفلاطون ليس يرى : أنّ للعالم ابتداء زمانيّا ، [٢٥٧ ب] لكن ابتداء من جهة العلّة ، ويزعم : أنّ علّة كونه ابتداؤه. وقد رأى أنّ المتوهّم (عليه خ) في قوله : «إنّ العالم مخلوق وإنّه أحدث لا من شيء إنّه خرج من لا نظام إلى نظام» غلط. وذلك لأنّه لا يصحّ دائما أنّ كلّ عدم أقدم من الوجود في ما علّة وجوده شيء آخر غيره ، ولا كلّ سوء نظام أقدم من النظام. وإنّما يعنى أفلاطون : إنّ الخالق أظهر العالم من العدم إلى الوجود ، إنّ وجدانه لم يكن من ذاته ، لكن سبب وجوده من الخالق.
وكأنّ فرفوريوس إنّما لم يهتد إلى ما رامه أفلاطون ، إمّا ذهولا [٢٥٨ ظ] عن المعنى المحصّل في المسبوقيّة بالعدم ، وإمّا تشوّقا وتهوّسا بإثبات القدم ، على أنّه أقلّ تحصيلا من سائر تلامذة أرسطاطاليس ، وليس بعيد الغور طويل الأمد في التحقيق ، كأترابه. أفترى الشيخ الرئيس ما يصنع به في «الشفاء» و «الاشارات» ، وقلّما