المتأكّدة حالة إجماليّة ، بحيث ما إذا قيست إلى نفس الفعل وكان هو الملتفت إليه باللحظ بالذّات ، كانت هي شوقا وإرادة بالقياس إليه ؛ وإذا ما قيست إلى إرادته والشوق الإجماعىّ إليه وكان الملتفت إليه باللحظ بالذّات تلك الإرادة والشوق ، لا نفس الفعل ، كانت هي شوقا وإرادة بالقياس إلى الإرادة من غير شوق آخر مستأنف وإرادة أخرى جديدة. وكذلك الأمر في إرادة الإرادة ، وإرادة إرادة الإرادة ، إلى سائر المراتب.
فإذن كلّ من تلك الإرادات المفصّلة يكون بالإرادة والاختيار ، وهي بأسرها مضمّنة في تلك الحالة الشوقيّة الإجماليّة المعبّر عنها بإرادة الفعل واختياره. وسبيل الإرادة في ذلك سبيل العلم ، فإنّهما يرتضعان في الأحكام من ثدى واحد ، وتناغيهما القريحة العقليّة في مهد واحد.
أليس إذا كانت القوّة العاقلة قد تطبّعت بالصورة العلميّة لمعلوم ما ، وحصلت للنفس المجرّدة الحالة الإدراكيّة المعبّر عنها بالعلم الذي هو من الكيفيّات النفسانيّة كانت تلك حالة إجماليّة ، بحيث ما إذا لوحظ المعلوم كان معقولا بتلك الصورة ومعلوما بذلك العلم. ثمّ إذا لوحظت تلك الصورة كانت معقولة لا بصورة أخرى غيرها ، بل بنفسها. وإذا لوحظ العلم الذي هو الحالة الإدراكيّة كان معلوما لا بعلم آخر مباين ، بل بنفسه فقط ، من غير أن يتضاعف الصور والعلوم المتباينة بالذّات ، بل إنّما تتضاعف الاعتبارات المتعلقة بذات الجوهر العاقل وبتلك الصورة العلميّة وبتلك الحالة الإدراكيّة على سبيل التركيب لا غير. وكذلك الأمر في علمنا بذاتنا.
وما في اعتراضات شرف الدين المسعوديّ : «إنّه إذا كان تعقل ذاتنا نفس ذاتنا ، فعلمنا بذاتنا إمّا أن يكون علمنا بذاتنا ، وحينئذ يكون هو ذاتنا بعينها. وهلمّ جرّا في التركيبات الغير المتناهية ؛ وإمّا أن لا يكون هو علمنا بذاتنا ، ويلزم منه أن لا يكون أيضا علمنا بذاتنا نفس ذاتنا» (شرح الإشارات ، ج ٢ ، ص ٣٢١).
فالجواب عنه ؛ ما أورده خاتم المحصّلين في «شرح الإشارات» : «إنّ علمنا بذاتنا هو ذاتنا بالذّات وغير ذاتنا بنوع من الاعتبار. والشيء الواحد قد تكون له اعتبارات ذهنيّة لا تنقطع ما دام المعتبر يعتبرها».
فكما هناك صورة علميّة وجدانيّة وحالة انكشافيّة مجملة ، يفصّلها العقل إلى