زمان ، فإن كان الشيء الملاقى (٤٥ ب) فى الزمان المستقبل هو قائم هناك ، قلا محالة إنّه إنّما يكون هناك موجودا قائما ، كما أنّه سيكون فى المستقبل. فإن كان هذا هكذا ، فالشيء إذن الكائن في المستقبل هو هناك موجود قائم لا يحتاج في تمامه وكماله هناك إلى أحد الأشياء البتة. فالأشياء إذن عند البارى ، جلّ ذكره ، كاملة تامّة ، زمانيّة كانت أم غير زمانيّة ، وهى عنده دائما ؛ وكذلك كانت عنده أوّلا كما تكون عنده أخيرا فالأشياء الزّمانيّة إنّما يكون بعضها من أجل بعض ، وذلك أنّ الأشياء إذا هي امتدّت وانبسطت وبانت عن البارى الأوّل ، كان بعضها علّة كون بعض. وإذا كانت كلّها معا [١٤٦ ظ] ولم تمتدّ ولم تنبسط ولم تبن عن البارى الأوّل ، لم يكن بعضها علّة كون بعض ، بل يكون البارى الأوّل علّة كونها كلّها». وقال فيه (ص ١١١) أيضا : «القيام هناك دائم بلا زمان ماض ولا آت ، فإنّ الآتى هناك حاضر والماضى موجود ، لأنّ الأشياء التي هناك دائمة على حال واحدة لا تتغيّر ولا تستحيل».
وقال الشيخ الرئيس في كتاب («التعليقات» ، ص ٢٨) : «والمعقولات صادرة عنه على مراتبها واختلاف أحوالها من الأبديّة والحادثيّة والقارّة وغير القارّة. فهى كلّها حاصلة له بالفعل. وهذا كما تقول : إنّ الأشياء الموجودة دائما والموجودة في وقت بعد [١٤٦ ب] وقت ، والشيء المتقضّى شيئا فشيئا ، كالزمان والحركة التي هى غير موجودة الجملة والقارّة بالجملة والمعدومة فى الماضى والمعدومة في المستقبل ، كلّها بالإضافة إليه موجودة وحاصلة بالفعل ، لأنّه سبب وجودها ومبدأ الأسباب التي توجد عنها ، وهو يعقل ذاته ولوازمه ولوازم لوازمه إلى أقصى الوجود ، وكلّ المعقولات حاصلة له حاضرة عنده ، وحالها عنده بالسواء في كلّ حال ، أعنى قبل وجودها وبعد وجودها ، ومع وجودها لا يتغيّر بوجه ، وهو يعقل الأشياء معا ولا يعقلها شيئا فشيئا».
وقال فيه أيضا : (ص ٢٨) : «علم البارى [١٤٧ ظ] بالأشياء الجزئيّة هو أنّه يعلم الأشياء من ذاته ، وذاته مبدأ لها ، فيعلم أوائل الموجودات ولوازمها ولوازم لوازمها إلى أقصى الوجود ، وكلّ شيء فإنّه بالإضافة إليه واجب الوجود وبسببه ، فهو موجود بالإضافة إليه ممّا وجد وممّا يوجد. فإذا كانت للأشياء الجزئيّة أسباب يلزم