البتة [١٤٩ ظ] ولا يزول بزواله ، فلا يجوز أن يدخل علمه الماضى والحاضر والمستقبل من الزمان. كقولك : كان وسيكون وهو كائن من حيث هو كذلك».
وقال فيه أيضا (ص ٩٧) البارى يعقل كلّ شيء من ذاته ، لا من ذلك الشيء ولا من ذاته ولا من وجوده ولا من حال من أحواله ، فإنّه إن كان يعقله لا من ذاته ، بل من خارج عن ذاته ؛ لكان فيه انفعال ، وكان هناك قابل لذلك المعقول ، لأنّه يكون له بعد ما لم يكن ، ويكون على الجملة له حال لا يلزم عن ذاته ، بل عن غيره. وإذ هو مبدأ كلّ شيء فهو يعقل ذاته ويعقل ما هو مبدأ له ، [١٤٩ ب] وهو العقل الفعّال ، ويعقل أنّه مبدأ له ، ويعقل ما بعده ولوازمه وما بعد ذلك إلى ما لا يتناهى ويعقل الأشياء الأبديّة أنّها أبديّة ، والأشياء الفاسدة أنّها فاسدة ، إذ يعقل أسبابها وعللها ولوازمها ويعقل الأشياء والزّمانيّة. والزّمان إذ هو من لوازمها ، ويعقل المتحرّك والحركة وأنّها زمانيّة ومتحرّكة ، ويعقل الشخصيّات من الفاسدات من جهة عللها وأسبابها».
ثمّ قال (ص ٩٨) و «يعلم كلّ شيء كما هو موجود بعلله وأسبابه ، ويعلم المعدومات بعلل أعدامها وأسبابها ، ويكون علمه بها سبب وجودها ، لا وجودها سبب علمه [١٥٠ ظ] وذلك بخلاف أحوالنا ، فإنّا نعلمها من وجودها ونعرف الجزئيّات من جهة كليّة».
وقال فيه أيضا (ص ١٠٩) «العقليّات المحضة ثابتة لا يجوز عليها الانتقال والتغيّر، ومعقولاتها تكون حاضرة معها دائمة لا يحتاج فيها إلى انتقال من معقول إلى معقول آخر ، والنفس وإن كانت عقلا ، فإنّ تعقّلاتها مشوبة بتخيّل. فلذلك يصحّ عليها الانتقال من معقول إلى معقول ، وتستعدّ بهذا المعقول لمعقول آخر».
وقال فيه أيضا (ص ١٥٥) : «أنا إذا علمت جزئيّات ، ككسوف ، ثمّ علمت لا كسوفا ، فليس علمى بالأوّل هو علمى بالثانى ، لأنّ ذلك قد تغيّر ، لأنّى [١٥٠ ب] أعلم كلّ واحد منهما في آن مفروض ، وأكون قد أدخلت الزمان في ما بينهما ، فتغيّر علمى».
ثمّ قال : (ص ١١٥) «لو أدركنا هذا الجزئىّ من جهة علله وأسبابه الكلّيّة ، وعلمنا صفاته المشخّصة له بأسبابها وعللها الكلّيّة لكان علمنا هذا كلّيّا لا يتغيّر بتغيّر المعلوم في ذاته ، فإن أسبابه وعلله الكلّيّة ، مشخّصاته ، لا تتغيّر ولا تفسد».