[٢٤٧ ظ] الفلك. ثمّ لا جائز أن يقال : متى وقبل إلّا حين يكون الزمان ، ومتى وقبل أبديّ ، فالزمان أبدىّ ، فحركات الفلك أبديّة ، فالفلك أبديّ».
والتاسعة هي قوله : «لن يتوهّم حدوث العالم إلّا بعد أن يتوهّم أنّه لم يكن ، فأبدعه تعالى ، وفي تلك الحالة التي لم تكن ، لا يخلو من حالات ثلاث : إمّا أنّ البارى تعالى لم يكن قادرا فصار قادرا ، وذلك محال ، لأنّه قادر لم يزل ؛ وإمّا أنّه لم يرد ، وذلك محال أيضا ، لأنّه مريد لم يزل ؛ وإمّا أنّه لم تقتض الحكمة ، وذلك محال ، لأنّ الوجود أشرف ، [٢٤٧ ب] من العدم على الإطلاق».
ولعلّ درء سائر تلك الشّبهات وحسم جميع ما أعضل الشيء فيه بالمتهوّسين بالقدم يستبين لديك سبيله على مسلك التحصيل ، حيث يحين حينه من ذى قبل ، إن شاء الله. وأبرقلس من أفاضل تلامذة إمام الحكمة ، أفلاطون الإلهيّ.
وعلى ما وصل إلينا ، من برعة المترجمة لأقوال الفلاسفة ومهرة المورّخة لأحوالهم ، القول في قدم العالم وأزليّته ، بعد إثبات الصانع والقول بالعلّة الأولى ، إنّما ظهر بعد معلّم الفلسفة المشّائيّة أرسطاطاليس ، لأنّه خالف القدماء [٢٤٨ ظ] صريحا وأبدع المقالات على قياسات ظنّها حجّة وبرهانا ؛ فنسج على منواله من كان من تلامذته ، وصرّحوا القول فيه ، مثل الإسكندر الإفروديسىّ وثامسطيوس وفرفوريوس شرّاح كلام أرسطاطاليس ، ومثل الشيخ اليونانىّ وديوجانس والإسكندر الرّومى ، وصنّف أبرقلس المنتسب إلى أفلاطون في هذه المسألة كتابا ، وأورد فيه تلك الشّبه ، وإلّا فالقدماء ما أبدوا في العالم إلّا القول بالحدوث ، والمتعصّبون لأبرقلس يمهّدون له الأعذار فى إيراد تلك الشبهات [٢٤٨ ب].
ثمّ فلاسفة الإسلام ، من معلّميهم ورؤسائهم ، صيّروا أنفسهم كالمقلّدين للمعلّم أرسطاطاليس ، لا يخالفون طوره ولا ينحرفون عن سبيله ، فهذا ما قد استبان لى من تتبّع كتبهم وكلامهم. وعليه استقرّ أيضا رأى الشّهرزوريّ صاحب «الشجرة الإلهيّة» ، والشهرستانىّ صاحب «الملل والنحل».
وأمّا الشّيخ المعلّم أبو نصر الفارابىّ ، فقد قال في مقالته في («الجمع بين الرأيين» ، ص ١٠٠ ـ ١٠٤) بهذه العبارة :