الملكوتيّة وتنوير جوّ السّرّ بالأنوار الحقّة اللّاهوتيّة. فإذا استقيت الحكمة [٢٦٥ ب] من شطّ العقل ؛ فاحذر أن يدور بك دولاب الوهم أدوار الشكوك. والله ولىّ الفضل والجود ، وبيده مفاتيح الفيض ومقاليد الوجود. والحمد لله كما يليق بكرم وجهه وعزّ جلاله. فلقد نجز القول في التّرعة الأولى بمنّه وإفضاله.
وكتب مصنّفه أحوج الخلق إلى الرّبّ الغنىّ ، محمد بن محمد ، المدعوّ باقر الداماد الحسينىّ ، ختم الله له بالحسنى ، حامدا مصلّيا مسلّما مستغفرا راجيا مؤمّلا داعيا.
أمّا بعد ، فقد كان من منّ الرحيم الرّحمن ، الذي لا يكدّر عطاياه بالامتنان ، ولا يبيع نعمه بالأثمان ، أن وفّق عبده ، وهو أولى بالحرمان ، لاقتطاف وورود هذه الأزهار واجتناء هذه الثّمار واقتناء هذه اللّئالى البحريّة والعقود الجوهريّة والنّخب الصّحاح اللّغويّة وأخذها من السّاحل ، حيث ألقاها اليمّ فيه وأبداها قذف متلاطم العباب إليه. وهي لعمرى الجوهر الذي لم يثقب والمطيّة التي لم تركب. ولمّا كان مؤلّفها ومبدعها ومصنّفها من ذريّة المصطفى وعترة المرتضى ، كانت بكلامهم أنسب وإملائهم أقرب. فهى حدّ وسط بين كلامهم وكلام البريّة ، ولها على ما سواها ما لمؤلّفها من المزيّة. كتبتها بحمد الله [من] مسودتها الأصليّة ونسختها الّتي بخطّه الأوّليّة.
ثمّ هذا الكتاب بعون الله الملك الوهّاب ، في يوم الخميس ، ثامن شهر ربيع الأوّل ، سنة ستّ وستّين بعد الألف من الهجرة النبويّة ، صلوات الله عليه ، أنا أقلّ العباد الحقير الفقير الجانى المذنب العاصى ، محمد قاسم بن أحمد الطبرستانىّ [بلدة من بلاد الطبرستان المشهور بالبارفروش]. نقل من خطّ السيّد الزكيّ ، أفضل المتقدّمين والمتأخّرين ، مير محمد باقر الداماد الحسينىّ ، نوّر الله مرقده ونوّر ضريحه. وكان مسكنى ومنامى في ذلك [الزمان] في مدرسة الشيخ المغفور المبرور ، شيخ لطف الله الميسىّ العاملىّ. [٢٢٦ ب]
ربّ لا أثق إلّا بك ولا أتّكل إلّا عليك ولا أرى في الوجود إلّا نور وجهك ، فأدركني بفيض فضلك واهدني سبيلا إلى جناب قدسك ، ولا تجعل للشّيطان على قلبي دليلا ولا للباطل إلى سرّي سبيلا. وصلّ وسلّم على أفضل الوسائل إليك ، محمّد اكرم المرسلين وآله أفاضل المعصومين ما دارت السّماوات على الأرضين.